لا شك أن فيلم الناصر صلاح الدين وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن الستة عقود على صدوره إلا أنه يبقى الفيلم المصري الأهم والأكثر مشاهدة من قِبل عشاق السينما المصرية وربما العالمية، فهو ذو مكانة عالية لدى الجميع ولا يزال مُشاهدًا بكثرة حتى وقتنا الحالي، هذا على الرغم من كونه فيلم يتحدث عن شخصية معينة معروفة بدورها التاريخي وليس فيلم درامي، لكن عظمة الناصر صلاح الدين ضمنت له هذه المكانة، على العموم، نحن هنا اليوم لنُجيب على التساؤل الأهم لعشاق الفيلم، وهو لماذا استطاع ذلك الفيلم العالمي التربع على عرش السينما المصرية لفترة طويلة؟
اشتراك عناصر فنية متميزة في الناصر صلاح الدين
السبب الرئيسي الذي يجعل فيلم الناصر صلاح الدين بهذه المكانة وبهذه الأهمية أنه وبكل بساطة قد أشرك فيه أهم العناصر الفنية المتواجدة في ذلك الوقت وأكثرها تميزًا على الإطلاق، فالفيلم عندما صدر عام 1963 تعمد جمع كل العناصر التي كانت مُتألقة في ذلك الوقت والتي من الطبيعي أن يخرج منها عدد كبير من الأفلام وليس فيلم واحد، ففي البداية كان المخرج الخاص بالفيلم هو المخرج العالمي والأبرز في تاريخ مصر يوسف شاهين، أما البطولة فكانت من نصيب نجوم ذلك الزمن وعلى رأسهم أحمد مظهر ومحمود المليجي وليلى فوزي، حتى أولئك الذين ظهروا بأدوار ثانوية في الفيلم كانوا كذلك نجومًا أو على الأقل أصبحوا نجومًا لاحقًا، كل هذا ضمن صناعة فيلم جيد يتربع على عرش السينما بسهولة.
الترشح للأوسكار والاقتراب منه
أيضًا من الأسباب الهامة التي أعطت فيلم الناصر صلاح الدين دفعة قوية وجعلته يتربع على هذه المكانة أن هذا الفيلم قد ترشح في سنة إنتاجه للفوز بجائزة أفضل فيلم أجنبي وكان جزء رئيسي وهام من ترشيحات الخبراء والمتخصصين، حيث كان الكثيرون يرونه فيلم ملحمي يستحق فعلًا التواجد في تلك المكانة، لكن في النهاية حدثت بعض الأمور واكتُشفت بعض الأخطاء الإخراجية الطفيفة التي أدت إلى استبعاد الفيلم نهائيًا من المنافسة وخسارة أقرب لك أوسكار فيما يتعلق بالسينما المصرية، وطبعًا هناك الكثير مما يُمكن قوله عن مسألة الاقتراب من جائزة بهذا الحجم وكيف أن الفيلم الذي سينجح في تحقيق ذلك هو بالتأكيد فيلم مُتميز وذو قيمة مختلفة مثلما هو الحال مع الناصر صلاح الدين .
إحداث الناصر صلاح الدين طفرة في صناعة الأفلام المصرية
جاء فيلم الناصر صلاح الدين عام 1963 وهو يحمل في طياته طفرة كبيرة واختلاف شديد للغاية عن كل الأفلام التي سبقته، وربما لا يزال متفوقًا كذلك على تلك الأفلام التي تلته، فالفيلم جسد معارك حربية بأعداد كبيرة وبتقنيات متواضعة نظرًا للزمن الذي نتحدث به، لكنه على الرغم من ذلك نجح في فرض شخصيته وإخراج المشاهد القتالية الكُبرى بشكل مُتطور ومُلفت، أيضًا الفيلم جاء في بداية عصر أفلام الألوان التي لم تكن موجودة قبل ذلك في السينما المصرية، والحقيقة أنه لا يُمكن أبدًا تخيل فيلم ملحمي مثل هذا دون أن تكون الألوان جزء رئيسي وهام به، وطبعًا استخدام عنصري الصحراء والبحر كان استخدامًا مثاليًا واختيار الممثلين وتسكينهم الأدوار الخاصة بهم كان مثليًا ليخرج الفيلم إجمالًا بشكل مثالي أيضًا.