الكثير من الناس يعشقون روح المغامرة، بل ويصل الأمر أحيانًا إلى أن هناك وظيفة تدعى المغامر. وهي عبارة عن شخص يقضي حياته في عمل مغامرات على المستوى العلني أمام الجمهور يعرض فيها نفسه للموت أحيانًا. بل والأغرب أن هناك بالفعل الكثير من الناس ماتوا جراء حبهم للمغامرة. فهناك من يموت وهو يحاول أن يتسلق جبل إفرست، وهناك من يموت وهو يحاول أن يسبح مع القروش. وهناك مدربي الحيوانات المفترسة الذين افترستهم الحيوانات الذين كان يدربونهم. الكثير من طرق الموت تحدث بسبب المغامرة. ولكن الحقيقة المطلقة هي أن الموت قادم لا محالة لذلك ربما الأمر منطقي بالنسبة لعاشقي المغامرة. ولكن من الناحية الأخرى هناك أشخاص يخشون المغامرة بكافة أنواعها ويعيشون حياة رتيبة ومستقرة بطريقة تضمن لهم الأمان، حتى لو كان هذا الأمان لا يحقق طموحهم، ولكنهم يفضلونه عن المغامرة. فما هي الأسباب التي تجعل الناس بهذا الاختلاف العجيب.
أسباب حب المغامرة
هناك أسباب حقيقية لحب المغامرة وليس كما يعتقد البعض أنها محض ترهات أو حماسة زائدة لدى الشباب لأن الكثير من المغامرون هم أشخاص كبار في السن. لذلك الأمر له أسباب أكثر عمقًا.
هدف في الحياة
هناك العديد من الناس يلجئون للمغامرة لأنهم لا يرون أي مغزى من حياتهم. فيبدئون بالبحث عن شيء يجعل لحياتهم مغزى وفي نفس الوقت يكون ممتع بالنسبة لهم. ولذلك من الممكن أن تجد أحدهم ذهب إلى بلاد أفريقيا في الأدغال منضمًا لمنظمات حقوق الإنسان. هنا تجد مثل هذا الشخص، ومن الممكن أن يكون طبيبًا مثلًا ومن بلدة مستقرة ماديًا واقتصاديًا، فجأة تجده قرر الاتجاه نحو البلاد الفقيرة بحجة أنه يساعد المحتاجين. هذه الحجة حقيقية وهي تجعل مثل هذا الشخص يشعر أنه يفعل شيئًا مهمًا في هذا العالم. خلاف عن كونه طبيبًا في مشفى متطور، يعالج الأشخاص المتعافين ولكنهم فقط يعانون من آلام عادية. الفكرة الأساسية هنا هي الشعور بالقيمة الإنسانية وبقيمة الحياة. وهناك العديد من الناس يشعرون بقيمة الحياة عندما يقتربون من الخطر.
تحقيق الأحلام
هناك الكثير من الأشخاص يملكون حياة مستقرة جدًا. لكن هذا ليس حلمهم الشخصي، وليس ما أرادوه دومًا. وربما يكون تحقيق ما أرادوه دومًا يتم عن طريق المغامرة بالحياة القديمة لهذا الشخص. سواء من أسرة أو وظيفة أو أموال. الإنسان هو الكائن الحي الوحيد القادر على تخطيط حيوي بعيد المدى. ورؤية بعيدة لشخصه. هذا هو الحلم، وهذا هو الشيء الذي يجد فيه الإنسان ضالته ومتعته الحقيقية. فما قيمة الحياة إذا كان الشخص يفعل ما لا يريده طوال عمره. حينها سيغامر الشخص بكل ما يملك في سبيل أن يعيش بحرية.
الشعور بالحرية
هذا الشعور يعد من أكثر المشاعر الإنسانية تحفيزًا للسعادة والمواد الكيميائية التي تذهب للمخ مثل الدوبامين والسيرتونين. الشعور بالحرية في حد ذاته يعتمد أحيانًا على الخروج من منطقة الأمان والذهاب إلى منطقة الخطر. حينها يشعر الإنسان أنه حر في الاختيار وأن المنطقة الأمنة التي اختارها له أهله من قبل، أو ظروف الحياة هي من أجبرته عليها، لم تعد تتحكم فيه بعد الآن. ولذلك التوجه نحو المغامرة دومًا يشعر البشر أنهم أحرار وأنهم بلا قيود وبلا خوف.
التخلص من الشعور بالخوف
الشعور بالخوف هو أحد القيود السيئة جدًا التي تتبع البشر دائمًا وتؤرقهم في كل خطوة يخطونها في حياتهم. ولذلك التخلص من الخوف يحتاج إلى خطوة كبيرة في حياة هؤلاء الأشخاص. التخلص من الخوف في حد ذاته يعتبر مغامرة. لأنه غالبًا لا يتخلص إنسان من خوفه دون مواجهة هذا الخوف. ومواجهة أكثر شيء يخيفك تعد مجازفة لأنك تخاف من هذا الشيء، أو أنك كنت طالما تخاف منه. أو أنك تخاف من هذا الشخص ولا تريد مواجهته. ولكن بعدما تفعل وتجابه هذا الخوف غالبًا يشعر الإنسان بالحرية الداخلية.
ختام للحياة
كثير من محبي رحلات المغامرة هم رجال ونساء كبار في السن. وغالبًا يكونون مستقرين جدًا. ولكن ما يحدث لهؤلاء الأشخاص أنهم يشعرون برغبة في تجربة أشياء لم يجربونها في شبابهم. لذلك تجدهم كثيرًا ما يتجهون نحو المغامرة والسفر. والذهاب إلى الأماكن الغريبة والجديدة. وتغيير وتيرة الحياة المستقرة التي كانوا يعيشون فيها. فيشعرون أن حياتهم لم تمضي هدرًا أو أنهم استطاعوا أن يستمتعوا بكل شيء قبل فوات الأوان وفراق هذه الدنيا.
الصمود ضد الفقر
المغامرة غالبًا تكون حليفة هؤلاء الذين لا يمتلكون شيء. لأنهم على الأرجح ليس لديهم ما يخسرونه. ولذلك هناك الكثير من قصص النجاح الشهيرة كان سببها أن هذا الشخص فقير ولا يمتلك شيء، فقرر أن يؤدي عرضًا فنيًا في الشارع. أو قرر أنه يذهب ويقدم في أحد المسابقات لأنه ليس لديه موهبة أخرى غير التي يمتلكها. عدم امتلاك شيء يُسهل جدًا عملية المغامرة ويجعل الناس دومًا أحرار من فكرة الخسارة. فيبدأ أن يستثمر كل ما معه فيما يجيده فعلًا. وغالبًا ينجح.
المغامرة قد تغير حياتك للأبد
هل تعلم أن بيل جيتس ومارك زوكربرج، واللذان هما من ضمن أغنى رجال في العالم، ويتحكمون في الكثير من التكنولوجيا العالمية، لم يكملان تعليمهما الجامعي وتوجهوا فقط ليغامروا بكل ما لديهم في سبيل ما يؤمنون به. هذه هي المغامرة أن تفعل شيء قد يقول لك الجميع في وقتها ظانك غبي ومجنون ولا تفهم أنك تدمر مستقبلك. وبالفعل أنت تغامر بكل ما هو تقليدي وطبيعي ويستطيع أن يوفر لك حياة مستقرة، في سبيل ما تريد حقًا أن تفعل. النتيجة كانت مع هؤلاء الاثنين أنهما صارا أغنى رجلين في العالم.
أسباب خوف الإنسان من المغامرة
المغامرة شيء مخيف بالطبع. فالعقل البشري مصمم على العيش بوتيرة معينة. وأي شيء يضاد هذه الوتيرة سواء نفسيًا أو جسديًا فرد فعل الإنسان يكون الخوف. لأن الخوف يسبب الحذر، والحذر يسبب تلاشي المصائب والأخطاء والاستمرار في الحياة. لذلك أغلب البشر لا يحبون المغامرة، لأن في كل مرة يغامر فيها الإنسان قد يخسر شيء. وهناك بعض الناس لديهم ما يخسرونه. أيضًا الأسرة عامل مهم جدًا في عدم المغامرة. الكثير من الآباء والأمهات يسعون جاهدًا على الحفاظ على حياة أبنائهم. ولذلك يسلكون الطريق المعتاد ولا يغامرون بأي شيء في سبيل أمان الأولاد. وحسب الكثير من الاستفتاءات التي حدثت على الإنترنت كان السبب في عدم المجازفة في حياة الوالدين هم الأولاد، وبنسبة تخطت 90 بالمئة. مما يوضح أن الأسرة هي قيمة كبيرة تحتاج فعلًا للأمان وأن معظم من يعشقون المغامرة ليس لديهم ما يخسرونه.
خاتمة
حب المغامرة يجب بالنهاية أن يكون محسوب حتى لا يتحول إلى تهور وفشل. ويجب أن يتبعه تخطيط وتنظيم للعمل أو الشغف، حتى لا يجد الإنسان نفسه في ضائقة صعبة وخطر بسبب مغامراته.