مما لا شك فيه أن المرأة الحامل خلال فترة الحمل تُعامل معاملة تختلف تمامًا عن تلك التي تُعامل بها في الظروف العادية، فخلال هذه الفترة سوف تكون ملكة مُتوجة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، هل تعرفون ما الذي يحدث مع الملكة؟ ببساطة يقوم الجميع بالسهر على خدمتها وتلبية أوامرها، وهذا بالضبط ما يحدث مع الحامل، وهنا يكون العامل الرئيسي أو السبب الأول لهذه المعاملة ليس المرأة نفسها وإنما كذلك ما تحمله في بطنها من أمير مُحتمل مُتوج أيضًا، إجمالًا، لا أحد يلقى الحب كما تلقاه المرأة الحامل من جميع المُحيطين بها، وعلى رأسهم الزوج، والذي يكون ملكًا قبل هذه الفترة، لكن بمجرد أن تحمل زوجته ولي العهد فإنه يُصبح طواعيةً أحد أفراد الحاشية، والواقع أنه بالرغم من كون أسباب هذه المعاملة واضحة إلا أن البعض قد يسأل سؤالًا يتردد باستمرار، لماذا تحظى المرأة الحامل بمعاملة مختلفة خلال فترة الحمل؟ والآن، هل تُريدون الإجابة؟ حسنًا، إنها موجودة في السطور القادمة.
لأنها تحمل الطفل المنتظر وولي العهد
المرأة الحامل غالبًا ما تكون حاملة لزوجها وللعائلة بأكملها أسعد خبر قد يسمعونه في حياتهم على الإطلاق، وخاصةً الزوج الذي كان الإنجاب ورؤية ولي العهد بين أحضانه أحد الأسباب القوية التي جعلته يتزوج من الأساس، ولهذا فإن تلك الفترة يكون أهم شيء فيها بالنسبة للزوج والعائلة بأكملها الحفاظ على الزوجة وما تحمله بداخلها من فرح منتظر، هذا يعني أنها لن تقوم بكل ما كانت تقوم به من قبل من مهام، تلك المهام التي كانت في الأصل سببًا في إرهاقها وكانت تتحمل سابقًا، لكن الآن من المحتمل أن يكون الإرهاق طريقًا لتضييع المولود، ولهذا فإن أحدًا ما لن يُغامر بكل تأكيد ويجعل الزوجة وما تحمله في أحشائها يصلان إلى هذه النتيجة.
حمل المرأة الحامل لولي العهد المنتظر يجعلها تحظى بالمعاملة الخاصة كما ذكرنا، وصور تلك المعاملة تكون من خلال عدم تعريضها لأي صور من بذل الجهد البدني أو النفسي، فمثلًا لن يقوم أحد بوضع الأعباء عليها وكذلك عدم إغضابها، وعلى الجانب الآخر سوف يسعى الجميع لتحقيق رغباتها، وهي مرحلة الوحم الشهيرة، تلك المرحلة التي يُقال فيها للزوجة سلي تُعطي واطلُبي تُجابي.
يستنزف جسدها طاقة إضافية عن المعتاد
الحمل بالنسبة للمرأة لا يعني أن ثمة بطن سوف تكبُر ثم بعد عدة أشهر سوف تصغر لخروج جنين صغير لا يتجاوز الكيلوجرامات، المسألة يا سادة أكبر من هذه الحسبة المُبسطة بكثير، فخلال فترة الحمل تستهلك المرأة الحامل طاقة يُمكن القول إنها مُضاعفة عن تلك التي كانت تستخدمها قبل الدخول في هذه الفترة، فهي لا تكون مسئولة عن نفسها فقط وإنما كذلك جنين في بطنها له حياة كاملة مُنفصلة عنها، فهو يأكل ويشرب ويُمارس كافة الأفعال البشرية التي نمارسها نحن، الفارق الوحيد أنه لا يفعل هذه الأمور بنفسه، وإنما تنوب عنه والدته في فعل كل ذلك، يُمكننا القول ببساطة أنها من تتصدر المشهد أو تكون الواجهة خلال هذه الفترة، وتلك بالطبع مسئولية كبيرة جدًا، مسئولية المحافظة على حيوات أخرى.
خلال فترة الحمل تكون المرأة الحمل مُهددة طوال الوقت بفقدان حملها، أو بمعنى أدق، تكون مهددة بفقدان الجنين المتواجد في بطنها، ولذلك فهي تبذل قصارى جهدها لمنع حدوث هذه الكارثة، وبالمنطق لا يُمكننا أن نُحملها مسئولية ومهام أخرى فوق هذه المهمة الشاقة، ولهذا فإنها كما ذكرنا في البداية تُصبح أشبه بملكة صاحبة عرش صغير، الجميع يقوم بخدمتها ويتمنى راحتها، هي ومن تحمله في بطنها كذلك.
شعورها بالتعب والإرهاق طوال الوقت
على نفس المنوال السابق فإن فكرة الحمل وكونها واحدة من أصعب المهام التي يُمكن أن يتولاها شخص في حياته تجعل من حياة المرأة الحامل جحيم حقيقي، ربما في الأشهر الأولى لا تكون الأمور واضحة ويكون الألم بسيط بعض الشيء، لكن بعد ذلك، وتحديدًا في الشهور الثلاث الأخيرة، فإن كل شيء يبدأ في التغير تمامًا، بدايةً من شكل البطن وحاجتها إلى ملابس من نوعٍ خاص مرورًا بزيادة حجم الجحيم داخل الرحم وبداية تحركه، وفي هذه المرحلة بالذات تشعر المرأة الحامل بآلام مُبرحة، حيث يبدأ الجنين في الرفس والتحرك يمينًا ويسارًا تزامنًا مع معاناة الأم، والتي تتوقف درجة تحملها لمثل هذه الأمور على قوتها الشخصية وقدرتها على التحمل في الظروف الطبيعية.
إرهاق المرأة الحامل قد يصل إلى درجة الإغماءات المتكررة والشعور بالدوار الدائم، هذا في أفضل الأحوال، أما السوء الذي يُمكن أن يقود إليه ألم المرأة الحامل فهو يتمثل في التعرض للإجهاض أو على الأقل الاضطرار لإجراء بعض العمليات الجراحية التي يكون بعضها خطيرًا بعض الشيء، ولهذا نعود ونُكرر بأن المعاملة الخاصة التي تحصل عليها الحامل خلال فترة حملها أقل حق من حقوقها خلال هذه الفترة العصيبة.
تغير تضاريس جسدها بصورة مُسببة للألم
من المعروف أن المرأة الحامل بعد مرور أشهر قليلة، ربما أربعة أشهر، يبدأ جسدها في أخذ شكل جديد مُختلف تمامًا عن الشكل الذي كان عليه في السابق، ونحن هنا سنترك الجزء الأول الذي يتواجد فيه وجهها ونحاول التركيز على الجزء المتواجد به البطن، فالبطن يا سادة تنتفخ انتفاخًا كبيرًا، وهذا بالطبع ليس انتفاخًا ناجمًا عن مرض أو أي خطر يُهدد حياتها، وإنما هو بشرى جيدة تدل على أن المولود الموجود في بطنها يكبر ويأخذ دورته الطبيعية في النمو، وبالتأكيد هذا الأمر لا يخفى على الزوجة والزوجة وكل المُحيطين بهما في هذه المرحلة، ولذلك فإن الجميع يبدأ على الفور في خطة تغير المعاملة وتحسينها كي ترقى إلى معاملة خاصة صالحة لهذا الوضع.
كِبر بطن الزوجة ليس أمر عرضي فقط، بمعنى أن التغير لا يحدث عند كِبر حجم البطن أو صغره، وإنما أيضًا وجود إرهاق دائم من المرأة الحامل والتي في الشهور الأخيرة لن تتحرك غالبًا إلا وهي تتأوه وتصدر صيحات وجع، فهذا هو الحمل في شهوره الأخير، وإذا لم يكن الزوج يُدرك أهمية ذلك فلن يستطيع التعامل مع زوجته معاملة تضمن لها عدم تزايد الألم وخروج الأمور عن السيطرة، ببساطة المعاملة المطلوبة هي معاملة الملوك، إذا كنت رجلًا حقيقيًا فسوف تعامل زوجتك كملكة في هذه المرحلة، وهذه أقل حقوقها عليك في الأصل، أن تتحملها وهي تحمل لك أسعد شيء في حياتك.
ارتباط حالتها المزاجية بحالة الطفل
ربما سيدهشكم ذلك، ولكن في فترات الحمل، ومهما كانت الأفعال التي تقوم بها المرأة الحامل، فثقوا تمامًا أن ما تفعله ليس نابعًا منها، بمعنى أنها لا تقصده بالمرة ولا تُريده، هي فقط تنقل لنا الحالة المزاجية للطفل، عندما تكون غاضبة يكون الغضب بسبب الطفل، وعندما تكون سعيدة تكون السعادة بسبب كون الطفل نفسه سعيد، عندما تبكي فاعلموا أن الطفل في بطنها يشعر بشيء يجعله يبكي، هذا هو الأمر باختصار، مجرد ناقل وسبيل للتواصل بالعالم الآخر يقوم بها الطفل وهو في بطن أمه بصفتها المنفس الوحيد له، وطبعًا جميعنا ليس على دراية تامة بهذا الوضع الصعب الذي تمر به الأهم، ولذلك فعندما نعرف ونُقدر نُدرك فعلًا أن المرأة الحامل تستحق معاملة خاصة كأقل نظير لما يحدث معها.
من ناحية أخرى، فإن الأب، وإن كان حتى لا يُقدر الأم ويُحبها، وهذا أمر صعب بكل تأكيد، سوف يحاول بذل قصارى جهده لضمان تحقيق المعاملة المثالية لطفله، لذلك فعندما يعرف أن الأم هي سبيله لتحقيق هذا فإنه يعمل على خدمته بكل ما لديه من قوة، ومن المؤكد أن جميعنا يرى بعينيه معاملة الزوج لزوجته خلال فترة الحمل ومعاملته لها في الأوقات العادية، ففي الحالة الأولى تكون كالملكة، وفي الحالة الثانية تكون بكل أسف كالجارية!
إقدام المرأة الحامل على يوم عصيب مثل يوم الولادة
في الغالب عندما يُعرف أن شخص ما سوف يموت غدًا أو بعد غد، ومهما كانت الجريمة التي ارتكبها واستحق عليها الموت، فإن الناس بصورة غير إرادية بالمرة سوف يتعاطفون معه ويبدون اهتمامًا بقضيته، فقط لأنه سيموت، وربما يصل الأمر إلى محاولتهم لمنعه من الموت، لكن على أقل تقدير، والأمر الذي يبدو أكيدًا، أنه لن يُعامل معاملة سيئة في أيامه الأخيرة، وبنفس الدلالة مع الفارق تحدث المعاملة الحسنة الخاصة من الجميع لصالح المرأة الحامل، فقط لأنها تنتظر يومًا عصيبًا يتجهز لها، وهو يوم الولادة، ذلك اليوم الذي ستقوم فيها بتفريج جزء من جسدها بصورة غير طبيعية من أجل القيام بأمر غير طبيعي، هو معجزة بكل تأكيد، لكن ما يحدث يكون أكبر من قدرة التحمل العادية بكل تأكيد أيضًا.
ذلك اليوم العصيب الذي يُعرف باسم يوم الولادة يسبقه شهور طويلة من الوجع والألم، ولذلك ليس من المنطقي أبدًا أن يُزيد المحيطين للمرأة الحامل من ألمها ولا يُعاملوها معاملة خاصة هي في الحقيقة تبدو الأكثر استحقاقًا لها، ولذلك فإن وصف هذه المعاملة بالملكية قد يبدو وصفًا أقل من الدقيق، لأن ما يحدث يكون أكبر من ذلك بكثير، لكن ما يعنينا الآن ليس وصفه، وإنما التأكيد على وجوده والتبرير على ذلك الوجود بالأسباب التي ذكرناها الآن والتي ذكرناها أيضًا في السطور الماضية، أسباب حصول المرأة الحامل على معاملة خاصة طوال فترة الحمل.
احتمالية حدوث أي أمر سيء يوم الولادة
لا قدر الله، إذا تطورت الأمور في ساعة الولادة وأصبح الوضع خارج عن سيطرة الأطباء فمن الممكن جدًا أن يحدث الأمر الذي لا يتمناه أي شخص بكل تأكيد، وهو موت الزوجة أثناء إقدامها على الولادة، وفي حالة حدوث ذلك فإن الزوج سوف يضرب نفسه بالنعل مئة مرة على رأسه لأنه لم يُعامل زوجته معاملة طيبة قبل وفاتها، لم يمنحها أيام أخيرة رائعة، وكأن فترة الحمل هذه رحلة، من الممكن جدًا أن تنتهي نهاية سعيدة بوجود مولود جديد في الأسرة، ومن الممكن كذلك أن تنتهي بالنهاية السيئة، وهي فقدان الأسرة لأحد أضلاعها الرئيسية، وهي الزوجة، ولكل ذلك يسعى الجميع، وليس الزوج فقط، إلى منح الزوجة المعاملة الملكية طوال فترة الحمل، وبالطبع الجميع لا يُريد أن يحدث لها أي سوء، لكن الحياة عودتنا دائمًا على توقع الأسوأ منها دائمًا، وبكل أسف ذلك الأسوأ قد يأتي في صورة موت.