القرصنة الإلكترونية هو مصطلح تردد بكثرة خلال العقد الماضي، فخلال هذه الفترة صار الإنترنت عنصراً أساسياً في حياتنا اليومية، نعتمد عليه تقريباً في مختلف أنشطتنا سواء كانت جادة أو ترفيهية، ومع بدء لمسنا لمميزات هذه الشبكة بدأت عيوبها ومخاطرها في الظهور، ومن بين هذه العيوب وأخطرها هو ما يسمى بـ القرصنة الإلكترونية ،فأسرارنا وبيناتنا الخاصة باتت عرضة للسرقة في كل لحظة، البعض لا يأخذ الأمر على محمل الجدية، ويعتبر قرصنة الحسابات الشخصية على مواقع الإنترنت نوع من اللهوأو المزاح، لكن رجال الدين كان لهم رأي آخر.
القرصنة الإلكترونية للحسابات الخاصة .. لماذا هي حرام ؟
تسببت القرصنة الإلكترونية للبعض في العديد من المتاعب، حتى إن بعض المشكلات الناشئة عنها وصلت إلى ساحات التقاضي، الأمر الذي جذب انتباه الفقهاء وعلماء الدين، فتوقفوا عندها واستناداً إلى مبدأ القياس أقروا بحرمانيتها، فترى لماذا؟ وما المخاطر التي قد تنشأ عنها؟
نوع من التجسس :
في الآونة الأخيرة كثرت الشكوى من تكرار عمليات القرصنة الإلكترونية على الحسابات الشخصية على شبكة الإنترنت، سواء سرقة البريد الإلكتروني أو الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أجمع الفقهاء على إن هذا الفعل مُحرم تحريم بين، وذلك لأن كل ما تتضمنه هذه الحسابات من بيانات أو مواد هو ملك لصاحبه، ولا يجوز لأي شخص الاطلاع عليها إلا إذا قام هو بنشرها على المشاع، أو بالحصول على إذن مباشر منه بالولوج إلى حسابه، أما ماعدا ذلك من أساليب فإنه يعد تجسس على أسرار الغير، وهو فعل مشين مُحرم بأحكام الشريعة الإسلامية، بموجب النهي الصريح في الذكر الحكيم في سورة الحجرات لقوله “ولا تجسسوا”.
نشر الأكاذيب والشائعات :
القرصنة الإلكترونية على البريد الإلكتروني أو الحسابات الشخصية بالتأكيد لا يكون أبداً لغرض شريف، بل إن الحالات المرصودة لحالات سرقة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وأكثرها شهرة وشيوعاً حسابات موقعي فيس بوك وتويتر، نتج عنها العديد من المشكلات بل ويمكننا القول بأن نتج عنها كوارث، إذ سارقي الحسابات قاموا من خلالها نشر الأكاذيب، ونسب الأقاويل والأفعال لأصحاب الحسابات الشخصية، وهذا يعد تزويراً وتدليساً للحقائق، ولا يقف سيل الذنوب والمعاصي المتدفق عند حد الكذب فحسب، بل إن هذا حلقة أولى في سلسلة مديدة من المعاصي والآثام، تتضمن الأذى النفسي الذي قد يلحق بصاحب الحساب الأصلي، والمشاهير في العالم أجمع يعانون من هذا النوع من القرصنة، إذ يُنشر على ألسنتهم تصريحات لم يدلون بها البتة.
زرع الفتنة وخلق الشروخ المجتمعية :
القرصنة الإلكترونية على هذا النحو تتسبب في خلق العديد من الشروخ الاجتماعية، وذلك إذا قام مقرصني الحسابات باستخدامها، ونشر أقاويل بالكذب على لسان أصحابها، أو القيام من خلالها بإرسال رسائل إلى الآخرين وإلصاقها بهم، فإن ذلك كله يشعل الفتنة بين الناس، ويُخّلِق البيئة الصالحة لنمو الخصومة والعداء، ومن المعروف إن الفتنة من المُحرمات بموجب أحكام شريعة الإسلام، لحديث الرسول الأمي عليه الصلاة والسلام والذي نصه “الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها”، الأمر الذي يتبين لنا منه مدى فداحة هذا الذنب ووضوحه دون تفكير، فلو لم يكن كذلك ما تم تغليظ عقوبته لحد اللعن لتتساوى بذلك مع ارتكاب الكبائر.
في النهاية سرقة :
طرحنا في موضوع سابق سؤال لماذا حرم الإسلام السرقة وما عقوبتها في الدنيا والآخر ؟، وتبينا مدى فظاعة هذا الفعل وكيف يكون عقابه عند الله –سبحانه وتعالى- شديد، ونحن بصدد الحديث عن القرصنة الإلكترونية لا يجب إغفال إنها في المقام الأول عملية سطو أو سرقة، فكل ما هو مملوك للغير ويتم سلبه منه في غفلة منه أو إكراهاً له يسمى سرقة، وطالما إن هذه الحسابات مملوكة لأشخاص بعينهم، فبالتالي سلبها منهم دون وجه حق هو فعل ليس له وصف أدق من أنه “جريمة سرقة”، يحق على مرتكبها عقابها الدنيوي وتبقى في صحيفته إثم يعاقب عليه يوم الحساب أمام المولى عز وعلا.