القرش الأبيض ليس من مفترسات البحار التي تفضل لحم البشر، ووفقاً للأبحاث المتعلقة بأسلوب معيشة هذا الكائن، فإنه لا يهاجم البشر إلا في حالة الجوع الشديد، أو كضربة استباقية تحسباً لمهاجمة البشر له، ولكن على الرغم من هذا فقد قام العلماء بتصنيف هذا القرش أي القرش الأبيض ،كأحد أخطر الكائنات البحرية والأخطر على الإطلاق بين فصيلة القروش.
القرش الأبيض .. لماذا هو الأخطر ؟
الأسباب التي تم بناء عليها اعتبار القرش الأبيض أخطر القروش عديدة، ومن بينها الآتي:
قوة العض :
قام فريق بحثي تابع لجامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية بدراسة التكوين الجسماني لسمك القرش الأبيض ،في محاولة للتعرف على مدى قوة فكه، وما قد تُحدثه عضته من أثر، وأشرف على هذه الدراسة الدكتور ستيفن رو باحثاً عن القوة الكامنة في فك القروش البيضاء بدقة، وفي نهاية عام 2008م أعلن الفريق نتائج بحثه، والتي أقرت بأن قوة فك سمك القرش الأبيض تبلغ حوالي 18 ألف نيوتن، والـ”نيوتن” هو وحدة قياس القوة، وذلك أحد الأسباب التي تجعل النوع الأبيض هو الأخطر بين أسماك القرش، إذ أن عقر هذا النوع حتى وإن لم يؤد للوفاة فإنه على أقل تقدير سيصيب فريسته بضرر جسيم، قد يؤدي إلى إصابته بحالة من العجز الحركي مدى الحياة.
النسبة :
أهم العوامل التي تم تصنيف القرش الأبيض كأخطر أسماك هذا الفصيل، يتمثل في نسبة ضحاياه من ابناء الجنس البشري، فوفقاً للدراسات الإحصائية المتناولة للأمر، والراصدة لعدد مرات مهاجمة أسماك القرش من هذا النوع للبشر، والتي أكدت إن القرش الأبيض مسؤول عن نسبة كبيرة من هجمات القروش على الإنسان، وقد قدر العلماء تلك النسبة بـ 40 : 50% من إجمالي عدد الهجمات، ويأتي ذلك على الرغم من وجود أكثر من عشرات الأنواع من أسماك القرش، بينها إثنى عشر هم الأوسع انتشاراً بمختلف البحار والمحيطات، مما يجعل هذه النسبة التي سجلها النوع الأبيض مُفزعة بكافة المقاييس.
الاستشعار عن بُعد :
تمتلك كافة أسماك القرش حاسة سادسة هي تشبه تقنيات الاستشعار عن بعد، وتلك الحاسة حادة لدى القرش الأبيض على وجه الخصوص، فكل جسم يتحرك داخل المياه يتخلق حوله حقل كهربي كهرومغناطيسي بفعل تلك الحركة، ومن ثم يستشعر القرش هذه الحركة ويُحدد موقع فريستخ بدقة، ويتوجه إليها ومن ثم يُجهز عليها، وقد عمل العلماء على قياس قوة هذه الحاسة لدى القروش البيضاء، فوجدوا إنها قادرة على استشعار أقل حركة في نطاق تواجدها، وعلى نحو الدقة فإن هذا القرش يمكنه استشعار أي تغيير في المجال الكهرومغناطيسي حتى وإن كان بمقدار نصف مليار من الفولت، مما يعني إن احتمالية النجاة من هجوم هذا القرش شبه مستحيلة، فإن كان التظاهر بالموت يُنجي من هجمات الأسد، فإنه لن يفلح مع القرش الأبيض ،فحتى إن كانت الأجسام ساكنة فبإمكانه استشعار الموجات التي تتولد عن نبضات عضلة القلب.
صياد ماهر :
سجلت عِدة حالات لبشر تعرضوا لهجمات القرش ونجوا منها سالمين، أما أصحاب الحظ السئ فهم من تعرضوا لهجمات القرش الأبيض من بين أنواع القرش، إذ أن نسبة النجاة من هجمته شبه منعدمة، صحيح إن الإنسان قد يبقى على قيد الحياة بعد عقر القرش له، لكن في النهاية حتماً سيُصيبه منه ضرراً، والسر في ذلك هو إن القرش الأبيض من أمهر الكائنات الحية صيداً، حتى إن العلماء وجدوا إن هذه القروش تعتمد على أكثر من آلية للصيد، وتختلف طريقة صيدها باختلاف طبيعة وحجم الفريسة المستهدفة، علاوة على ذلك فإن ذلك النوع من القروش يملك إصراراً هريباً، فحين راقب العلماء حياة هذا القرش في بيئته الطبيعية، وجدوا إنه كثيراً ما يطارد الفريسة التي تفلت منه، ولا يهدأ حتى يمسك بها ويفترسها.