أعتقد أن هذه الظاهرة تمسني بشكل شخصي حيث في مرات ذهابي لقطع تذكرة من شباك المترو أجد أن الطابور المقابل لي مباشرة يسير بسرعة وبلا أي توقف بينما الطابور الذي أقف فيه يسير ببطء غريب وغالبا هناك شخص ينتظر الفكة عبر الشباك بالتالي يعطله وفي كل مرة أقول سوف أقف في الطابور الأسرع المرة القادمة ولكن للأسف هذا لا يحدث على الإطلاق، كل مرة لا يحدث سوى أنني أدرك أنني أقف في الطابور المتعطل بينما الطابور المقابل يسير بشكل سلس وبدون عطلة، والحقيقة أن الكثير من الناس يشعرون بنفس هذا الشعور أيضًا فما هو السر؟
أنت لا تدرك حينما تكون في الطابور السريع
القصة وما فيها باختصار أن هذه هي أوهامك الشخصية، هذا ما تكشف لي مؤخرا، لا يوجد شيء اسمه الطابور المقابل السريع وطابوري أنا المتعطل، لاحظت ذلك في مرة حيث كنت ذاهبا وعندما ذهبت بسرعة لأخذ تذكرة أعطيت المحصل من وراء الشباك النقود وأعطاني التذكرة بسرعة بينما نظرت لشاب كان يدخل معي من مدخل المحطة وقف في الطابور المتعطل وقلت ياه لابد أنه الآن يشعر بسرعة الطابور المقابل ويندب حظه لأنه يقف في الطابور المتعطل، إدراكي هذا حدث مرة واحدة فقط أن الإنسان يقف في الطابور السريع لكنه لا يدرك أنه يقف في أي طوابير إلا إذا تعطل الطابور.
فقط وقوفك في طابور متعطل هو ما يجعلك تشعر بأن الطابور المقابل أسرع
بناء على الفقرة السابقة فإن وقوفك في طابور متعطل يعطيك فرصة للتأمل: لماذا أقف في طابور بطيء؟ لماذا كل الطوابير من حولي مسرعة بينما أنا فقط أقف في طابور متعطل؟ لماذا الطابور المقابل وكل الطوابير تسير بسرعة؟ ربما هي ليست كذلك ربما هي تتعطل أيضًا ولكنك لا تدرك ذلك بل تدرك أن طابورك وحدك هو المتعطل، الإنسان لا يرى الكون بنظرة شمولية، بل يراها من منظوره الضيق هو فقط، من موقفه الذي يقف فيه فحسب الآن.
حتى لو وقفت في الطابور السريع فإنه سيتعطل أيضا
نعم حتى الطابور المقابل يتعطل، ولو ذهبت ووقفت فيه فإنه سيتعطل وهو حتى بدون وقوفك فيه سيتعطل أيضًا ولو كان يسير بسرعة لسار طابورك بنفس السرعة، ولكننا لا ندرك إطلاقا هذا، لا نعي لأن طبيعة الطابور بغض النظر عنا وقفنا أم لا يتعطل لأنه من الطبيعي أن يحدث حوار بين الواقف في الطابور والشخص البائع أو صاحب الخدمة أو يكون هناك أزمة في الفكة أو سوء فهم بينما شخص آخر لا يتعدى وقوفه الثانية الواحدة، وهكذا.
الإيقاع السريع يفقدك حاسة التأمل
اختصارا لكل هذا يمكن أن تقول أن الإيقاع السريع يفقدك التفكير في الأمور، حينما تدخل من مدخل المحطة تذهب لأخذ التذكرة تضعها في الماكينة تدخل تركب المترو مباشرة فإن ذهنك يكون مشغولا بمتابعة هذه التحركات الجسدية، أما وقوفك في طابور متعطل هو ما يشعرك ببطء الطابور وبعطلتك.
حينما يسألك أحد لماذا الطابور المقابل أكثر سرعة ولماذا أقف في طابور بطيء ومتعطل على الدوام هناك إجابة واحدة حقيقية تماما وموضوعية: من عادة الطوابير أنها تتعطل دائما، لا شيء شخصي.