اشتعلت الحرب العراقية الإيرانية في بداية عقد الثمانينات في عهد صدام حسين والخميني، وقد شغلت تلك الحرب المؤرخين والمحللين لفترات طويلة ولا تزال محل دراسة حتى يومنا هذا، وقد صدر مؤخراً كتاباً عن جامعة كامبريدج ألفه مواري وودز يصف به الحرب العراقية الإيرانية بأنها الحرب الأكثر غرابة في العصر الحديث.. فترى لماذا وما مظاهر تلك الغرابة؟
الحرب العراقية الإيرانية .. الأغرب في التاريخ
استند المؤرخ في وصف الحرب العراقية الإيرانية بالأغرب إلى العديد من العوامل والأحداث البارزة التي ميزتها عن غيرها من الحروب الحديثة ومن أبرز تلك العوامل ما يلي:
لا توجد أسباب واضحة :
أسباب الحروب المختلفة التي شهدها العالم في الزمن المعاصر أو في العصور السحيقة واضحة تماماً، وأغلبها يتعلق بالصراعات العرقية أو الصراعات على الحدود السياسية بين الدول، لكن من العوامل التي جعلت الحرب العراقية الإيرانية توصف بالغريبة هو أن ليس لها دوافع واضحة.
سبب الحرب العراقية الإيرانية الذي ذهب إليه المؤرخون هو الصراع على إقليم خوزستان، إلا أن هناك العديد من الدراسات القائلة بأن ذلك الإقليم لم يكن ضمن طموحات صدام حسين بل أنه ربما يتسبب له في خسائر سياسية في حالة ضمه نظراً لأن أغلب سكانه من الشيعة، وبناء على ذلك ذهب البعض للاعتقاد القائل بأن الحرب نشبت نتيجة خلاف شخصي بين الحاكمين والهدف منها زعزعة استقرار النظام الحاكم في الدولة الأخرى.
المدة الزمنية لفترة النزاع المسلح :
تعتبر الحرب العالمية الثانية بمثابة نقطة فاصلة في التاريخ العسكري، حيث استخدمت بها العديد من نظم التسليح الحديثة والمتطورة للمرة الأولى، تلك الأسلحة ضاعفت قوى الجيوش وبناء على ذلك تقلصت الفترات الزمنية للحروب حتى أنها لم تعد تتجاوز بضعة أيام قبل أن يعلن أحد الطرفين انتصاره على الطرف الآخر.
من غرائب الحرب العراقية الإيرانية أن رغم حداثتها إلا أنها استمرت لفترة زمنية طويلة، تقدر بنحو 8 سنوات من عام 1980م وحتى عام 1988م، وهي فترة طويلة جداً مقارنة بالحروب الأخرى التي دارت في فترات قريبة ومن بينها حرب الخليج و حرب أكتوبر.
الخوف من الأصدقاء أكثر من الأعداء :
دراسة التاريخ وتحليل الأحداث التي جرت في زمن الحرب العراقية الإيرانية وما سبقها، دفعت المحللين السياسيين للاعتقاد بأن طرفي الصراع -صدام والخميني- كانا يتخوفان من حلفائهما في الحرب أكثر من تخوفهم من بعضهم البعض، حيث كان لدى كل منهما اعتقاد بأن أحد قادة الجيش قد ينقلب عليه في حالة الانتصار.
ذلك الاعتقاد سيطر على قادة الحرب حتى أن صدام حسين اتخذ قراراً بالفصل بين لواءات الجيش العراقي وحظر التواصل بينهما بشكل مباشر، حتى أن بعض الفرق العراقية وقعت تحت الحصار وفشلت في طلب النجدة من فرق الجيش الأخرى بسبب عجز القادة عن الاتصال ببعضهم مما اضطرهم لانتظار صدور أوامر مباشرة من صدام حسين والتي تأخرت عِدة ساعات كانت تلك الفرق قد تعرضت خلالها للإبادة.
الخسائر البشرية والمادية :
تعتبر كذلك الحرب العراقية الإيرانية هي الأكثر تكلفة بين مختلف الحروب الحديثة، حيث أن حجم الدمار الذي خلفته قدره الخبراء بنحو تريليون دولار أمريكي، أما بالنسبة للخسائر البشرية فالأمر أكثر سوءاً حيث خلفت تلك الحرب أكثر من مليون قتيلاً من كلا الجانبين، بالإضافة لأكثر من مليوني مصاب بعاهات مستديمة أو عجز كامل، مما دفع الكثير من المؤرخين إلى وصف الحرب الإيرانية العراقية بأنها إحدى الكوارث البشرية المعاصرة.
استخدام الأسلحة المحرمة :
من غرائب الحرب العراقية الإيرانية أيضاً أنها تجاوزت كافة الخطوط الحمراء ولم يستجب أي من الطرفين للنداءات الدولية، وقد بلغ الأمر استخدام صدام حسين الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً والتي تسببت في مقتل أكثر من 30,000 إيراني من العسكريين والمدنيين، والأدهى من ذلك أن السلاح العراقي تسبب في مقتل حوالي 5000 شخصاً من الأكراد في مدينة حلبجة أي أن صدام استخدم السلاح ضد شعبه.