على عكس ما يعتقد أن التقاط الصور يتم فقط في لحظات السعادة المبهرة وأن الناس تلتقط الصور لتعبر عن سعادتها العظيمة ولكن للأسف هناك أقوال مغايرة تقول أن هذا ليس صحيحا على الإطلاق لأنك حين تفكر في التقاط صورة تبرز بها سعادتك فأنت في الغالب تعيس، لذلك سنتحدث في هذا المقال حول لماذا يعتبر التقاط الصور التي تبرز فيها سعادتك ربما تكون دليل على عكس ذلك؟
السعداء لا يفكرون بشيء آخر سوى اللحظة
هل تتذكر لحظات الفرحة العارمة؟ هل مر عليك من قبل لحظات مهيبة من السعادة؟ لحظات إلى قرب الحبيب أو لحظات أخرى من النشوة الناتجة عن المرح مع الأصدقاء؟ هل فكرت في إخراج الهاتف والتقاط صور لك في هذه اللحظات؟ لا أعتقد، الإنسان في اللحظات التي يكون فيها سعيدا لا يفكر على الإطلاق في توثيق اللحظة لأنه يكون منغمسا فيها حتى قمة رأسه لذلك لا يمكننا أن نقول أن من يقدم على التقاط الصور في لحظة معينة ويقول أنه في قمة سعادته الآن هو بالفعل سعيد، فربما يكون تعيس.
التسلي عن الملل بالتصوير
متى يمكن أن تفكر في التصوير؟ متى يمكن أن تجلس مع شخص وتفكران في أنه ربما من الأفضل أن تتصوران الآن؟ أعتقد حينما تشعر بالملل لأنك لو تشعر بالحماس أو السعادة فإنك لن تفكر في التقاط الصور مطلقا، لا يمكن مثلا أن تتناقش مع شخص في نقاش فكري محتدم وفجأة تخرج هاتفك وتقول له، أمهلني دقيقة نلتقط لنا صورة بمناسبة سعادتي بهذا النقاش الفكري المحتدم، ولكن ربما حينما تشعر بالملل أو لا يوجد ما تفعله، فلا ريب أنك ستتسلى عن الملل بالتصوير.
افتعال الابتسامات
أكبر دليل على أن التقاط الصور لا يدل على السعادة هو افتعال الابتسامات، لماذا تتسع شفتاك عند التصوير بينما تعيد ذمها بعد التقاط الصورة؟ هل افتعال ابتسامة هو دليل على السعادة؟ هل النظرة المشرقة والابتسامة الضاحكة التي تصطنعها عند التصوير تدل على أنك سعيد بالفعل وتود توثيق اللحظة بالصور؟ أعتقد أن افتعال الابتسامات هو أكبر دليل عملي على أن التقاط الصور لا يدل إطلاقا على السعادة، بل ربما على عكس ذلك.
التقاط الصور لمحاولة إظهار السعادة للآخرين فحسب
أكثر ما يجعلنا نمارس التقاط الصور باستمرار هو مشاركة الصور على شبكات التواصل الاجتماعي، دائما ما نجد شبكات التواصل تغص بالصور التي تبرز مدى السعادة ووصف كل صورة يتحدث عن السعادة، ما الفكرة في أنني أريد أن أظهر سعادتي للآخرين بهذا الشكل المبالغ فيه حتى تشعر من تسلسل الصور للأشخاص أن الجميع سعداء، هذه العدوى تنتقل إليك أيضًا فتقوم بالتقاط صورة مرحة ونشرها لتبرز كم أنت سعيد من أجل استكمال العزف في الجوقة، ربما تضحك من أجل التقاط الصورة وربما تختار أفضل خلفية وربما تعلق على الصورة بجملة تدل على مدى السعادة التي تشعر بها، لكنك في الواقع عكس ذلك، في الواقع أنت وحيد وشارد وبائس ومعذب وتشعر بالملل، فنجد أنفسنا رغم ذلك نرزح تحت نير غطاء كبير من الزيف والكذب لمجرد رغبتنا الملحة في محاولات إظهار السعادة للآخرين لكن لا نهتم بأن نجعل أنفسنا سعداء بالفعل.
محاولة إقناع نفسك بأنك سعيد
في بعض الحالات الخاصة تحاول أحيانا من خلال التقاط الصور إقناع نفسك بأنك سعيد فعلى سبيل المثال تكون في علاقة صعبة وبها الكثير من المشكلات والفتور العاطفي ومع ذلك حينما تخرجان سويا إلى أي مكان فإن الكثير من الصور تلتقط وتجدا أنفسكما تبتسمان وتتصوران في وضعيات رومانسية وهكذا، فتجدان أن كل من يراكما سيظن أنكما ثنائي مثالي، وأنكما لابد تحظيان بالرومانسية والحب والسعادة، ولكن ربما تكون الحقيقة عكس ذلك تماما، ربما يكون كل شيء سخيف وممل، ولكنك حينما تراجع هذه الصور ستحاول إقناع نفسك أنك سعيد وأن الأمر لا يمكن أن يكون بهذا السوء على الإطلاق.
زيارة الأماكن من أجل التقاط الصور أمام خلفيات مميزة
يحاول الكثير من الناس الذهاب إلى أي مكان من أجل التقاط الصور أمام خلفيات مميزة، مكان أثري أو شاطئ رائع أو منتزه مميز أو أي شيء من هذه الأشياء نجد أن هذا الشخص لا يحاول أن يستمتع بالمكان بذاته أو بتفاصيله، لأنه من المفترض أن الناس يذهبون إلى الأماكن بغرض الاستمتاع بتفاصيله، لا يمكن أن يذهب شخص إلى مكان أثري سوى لمعرفة كيف كان يعيش الناس منذ آلاف السنين أو لمشاهدة البقايا والآثار التي تركوها لنا ليدللوا على وجودهم وبالتالي نصنع حلقات وصل ما بين القديم والحديث ونحقق التكامل بين الأزمنة ولكن للأسف ما يحدث أنه يتم الذهاب فقط من أجل التقاط الصور ومن أجل مجرد وضع هذه الصور على شبكات التواصل لذلك عندما نذهب للأماكن الأثرية فإننا نجد أشخاص يتصورون في كل ركن لأنهم أصلا يأتون من أجل أن يتصورون فحسب، بالتالي التقاط الصور في هذه الأماكن لا يعني سعادتك بالتنزه أو بالمكان الذي تزوره بل مجرد أنك ستلتقط الصور.
التقاط الصور لإبراز أنك لست وحيدا
الكثير من الأشخاص يتصورون مع أصدقاء لهم ويشاركونها على مواقع التواصل الاجتماعي مع كتابة أفضل تعليق ممكن للصور لإبراز مدى الصداقة والوفاء والأخوة التي يتمتع بها هذا الشخص مع أصدقائه وأنه قضى يوما رائعا بالأمس بصحبتهم وأشياء من هذا القبيل، هذا الشخص لابد أنه يخاف من الوحدة ويرهبها لأقصى درجة، لابد أنه لا يشعر باهتمام الأصدقاء به ولكن رغم ذلك يحاول أن يقنع نفسه ويقنع الناس بأنه عكس ذلك، بأنه لديه أصدقاء على قدر كبير من الروعة ويتصفون بالحب والوفاء، ربما هذا ما يظهر في الصور فحسب لكن الحقيقة تقول أنك لست سعيدا على الإطلاق، أنت فقط وحيد جدا.
خاتمة
علينا ألا نغتر بالمظاهر لأنه في العادة المظاهر لا تدل على شيء فربما يكون هناك ظاهر معين ولكنه يخفي وراءه عكسه تماما، ربما يغطي النقيض عنه تماما وعندما فقط تخدش بيدك هذا الغطاء الظاهري الرقيق يتجلى لك هذا النقيض واضحا وفجا، وأكبر مثال على ذلك هو التقاط الصور التي قد تبرز مدى سعادتنا ولكن بعد قراءة هذا المقال عليك أن تسأل نفسك: متى كانت آخر مرة كنت سعيدا فيها بحق وقمت بالتقاط صورة في هذه اللحظة؟