لا يعد التعلم الذاتي أحد أنماط التعليم المستحدثة بل أن ذلك الأسلوب معروف منذ زمن بعيد وإن لم يكن له مصطلحاً محدداً يستخدم للإشارة إليه، بل يمكن القول أن المثقفين في مختلف العصور متعلمون ذاتيين، إلا أن مصطلح التعلم الذاتي نفسه لم يبدأ استخدامه إلا في وقت متأخر وتحديداً مع بدء انتشار الإنترنت ودخوله في مختلف المجالات ومن بينها مجال التعليم وظهور دورات التعلم عن بعد وغيرها من الوسائل التعليمية الحديثة، وقد شهد ذلك النمط التعليمي رواجاً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية خاصة بين الشباب.. ترى لماذا ؟ وما المزايا التي منحته الأفضلية؟
مميزات أسلوب التعلم الذاتي :
يوفر نمط التعلم الذاتي العديد من المزايا التي كانت سبباً مباشراً في انتشاره وزيادة معدلات الاعتماد عليه، من أبرزها:
الحرية في اختيار مجال الدراسة :
لا يتمتع الكثيرين بالحرية في اختيار التخصص الجامعي بفعل العديد من العوامل، منها نظام تحديد التخصص المتبع في الجامعات أو بسبب عدم توفر ذلك التخصص في بلادهم من الأصل، خاصة المجالات الحديثة مثل التسويق الرقمي أو أعمال الجرافيك على سبيل المثال.
نمط التعلم الذاتي لا يخضع إلى الروتين ولا يعترف بالزمان أو المكان، وبالتالي يمنح المتعلم حرية مطلقة في اختيار المجال الذي يرغب بالتخصص في دراسته أيا كان نوعه، دون التقيد بضوابط المؤسسات التعليمية أو غير ذلك من العراقيل.
الحرية في اختيار النمط التعليمي :
يكفل نمط التعلم الذاتي الحرية الكاملة والمطلقة للمتعلم، حيث أن الحرية هنا لا تشمل فقط اختيار التخصص الدراسي كما أشرنا سابقاً، بل أنها تشمل كذلك أسلوب التعليم المتبع كذلك أو بمعنى أصح اختيار الوسيط التعليمي المريح والمناسب في نظر المتعلم نفسه، حيث تتوفر في الأسواق حالياً وعلى شبكة الإنترنت كم هائل من الوسائط التعليمية المتنوعة ما بين النصوص المكتوبة والوسائط المرئية، كما يمكن الانضمام إلى المجموعات المختصة بمجال التعليم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وخوض نقاشات مثمرة مع المهتمين بذات الأمر والاستفادة من خبرتهم.
المقصود هنا أن التعلم عن بعد يتيح للأشخاص فرصة أكبر لعدم التقيد بأنماط تعليمية محددة تفرضها عليهم المؤسسات التعليمية المختلفة والتي قد لا تتماشى مع قدراتهم أو ميولهم، مما يجعل نمط التعليم الذاتي أكثر راحة ومتعة وخياراً مثالياً في نظر الكثيرين.
الاستفادة من التجربة نفسها :
أهمية التعليم اعتماداً على أساليب التعلم الذاتي لا تقتصر على حجم التحصيل العلمي فحسب، بل أن التجربة التعليمية في حد ذاتها تصقل الشخصية وتضيف إليها الكثير، حيث يرى الخبراء أن ذلك النمط التعليمي يجعل من الشخص متعلماً ومُدرباً ورقيباً على ذاته، الأمر الذي يزيد ثقة الفرد بنفسه ويجعله أكثر قدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الصائبة، فذلك النمط يعتمد على التجربة والتجربة بطبيعتها تجعل الشخص أكثر قوة وصلابة.
إرضاء الشغف والميول الشخصية :
جرت العادة على اقتصار نمط التعلم الذاتي على التخصصات المرضية لشغف المتعلم والتي يجد متعة في إتقانها ومعرفة المزيد عنها، كما أن التعلم بتلك الطريقة لا يرتبط بمكان أو توقيت، ومن ثم يتيح الفرصة لتعلم أي مجال بشكل ثانوي إلى جانب الدراسة الرئيسية، كما أنه يعد وسيلة تعليمية مثالية للأشخاص المهنيين ومن لديهم التزامات أخرى إلى جانب الدراسة.
يعيب التعلم الذاتي أن المتعلم في النهاية لا يحصل على شهادة معتمدة صادرة عن جهة معلومة الهوية، لكن الخبر الجيد هنا هو أن أغلب المجالات التي يتم تعلمها ذاتياً تعتمد أكثر على الخبرة والمهارة، ويمكن استغلال كلاهما في العمل عن بعد عبر الإنترنت من خلال منصات التوظيف المتعددة المنتشرة على الشبكة العنكبوتية.