في التاسع والسبعين من القرن العشرين أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاقية سيداو التي ستمنح المرأة الأوروبية الحق في ممارسة كل عمل يقوم به الرجل، بل وستجعلها تتمتع بالحرية والمساواة التي كانت تسلب منها منذ قديم الأزل، وحقيقة يعتبر الدين الإسلامي هو أول من منح المرأة حقوقها بالعدل والمساواة فيما يستحق المساواة، حيث أنه في العصور الوسطى كانت المرأة الأوروبية تعذب وتحبس وتقيد بالسلاسل والأكاليل وفي نفس الوقت المرأة المسلمة تعيش في مجتمع آمن يضمن لها حقوقها وفق توصيات القرآن والنبي الكريم، ولكن قد زادت اتفاقية سيداو عن الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة فمثلا قد ألغت الولاية على المرأة، ومنعت تعدد الزوجات، وإمكانية حمل الطفل لأسم الأم لا الأب، ونصت أيضًا على إلغاء عدة سواء بعد الوفاة أو بعد الطلاق، وغيرها من البنود التي تخالف الشريعة الإسلامية ولكن بما أنهم على ديانات أخرى فالموضوع بالنسبة لهم كان انتصارًا عظيمًا للمرأة الأوروبية.
اتفاقية سيداو منحت للمرأة حق المساواة مع الرجل
منذ مئات السنين كان دور المرأة الأوروبية يقتصر على الأعمال المنزلية فقط ولا يحق لها ممارسة أي فعل أخر ولا الخروج من المنزل إلا في أحلك الظروف، حتى جاءت اتفاقية سيداو التي غيرت كل المفاهيم وجعلت للمرأة كل الحقوق التي يتمتع بها الرجل على حد سواء، معنى سيداو أصلًا هو القضاء على كل أنواع التمييز والعنصرية ضد المرأة، ويجب على كل دولة تقوم بالتوقيع على هذه الاتفاقية أن تمنح للمرأة الحماية الكاملة في ممارسة جميع حقوقها ومكتسباتها الجديدة بدون أي نظر للجنس، وهذه الحقوق والحريات تشمل جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهذا ما يعني دخول المرأة في كل جوانب الحياة، ويتوجب أيضًا على كل دولة تقوم بالتوقيع على الاتفاقية أن تعدل دساتيرها المحلية وتضع حقوق المساواة بين الجنسيين وإلغاء كل القوانين المعاكسة لتلك المساواة.
وهذا يعتبر تغيير جذري خطير في مستقبل المرأة الأوروبية بصفة خاصة فبعدما كانت مجرد خادمة منزلية لا يسمح لها بفعل أي شيء سوى الأعمال المنزلية وتنظر للرجل بأنه أعلى منها مكانة وقدرًا، أصبحت كلا الأطراف متساوية ولها ما لها وعليها ما عليها بدون أي تمييز، ولذا تعتبر اتفاقية سيداو هي الأهم في تاريخ المرأة الأوروبية.
أعطت المرأة جميع الحقوق الإنجابية
من المزايا الهامة في بنود اتفاقية سيداو هو منح المرأة جميع الحقوق الإنجابية باعتبارها أحد حقوق الإنسان، حيث أنه كانت توجد بعض الدول الأوروبية التي كانت تفرض حظرًا على بعض عمليات الإنجاب التي تتم على أراضي تلك الدولة، فمثلًا منع عمليات الإنجاب التي تتخطى حاجز الأربعة أطفال، ومنع عمليات إنجاب الإناث لأن تلك المجتمعات تنظر إليهم أنهم كائنات ليس لهم أي فائدة على الإطلاق، بل ويقومون بإثناء الرهبان عن تأدية واجباتهم الدينية على أكمل وجه، بجانب عدم اكتمال ظهارتهم لنزول دم الحيض منهم وهذا يمنعهم من دخول الكثير من الأماكن المقدسة، ولذا كانت هذه الدول تفرض حظرًا كبيرًا على بعض عمليات الإنجاب وتقوم بإجهاض المرأة فور معرفة الدول بحملها الغير مشروع في وجهة نظرهم.
ولكن بعد عقد اتفاقية سيداو تم منح المرأة كامل الحق في التصرف بجنينها واستكمال عملية الوضع بدون أي مشاكل أو عقوبات، لأن هذا يعد حقًا أصيلًا من حقوق الإنسان ولابد للمرأة أخذه بدون أي معارضة من القانون، وأول الدول التي قامت بتطبيقه هي دولة كولومبيا في العامة الرابع والثمانين من القرن العشرين، فقد خرجت المحكمة الكولومبية معلنة أنها امتنعت عن فرض الحظر التام على عمليات الإنجاب أو الإجهاض، وبذلك سرت جميع الدول الموقعة على هذه الاتفاقية وفق هذا المنوال.
القضاء على جميع أشكال التمييز
شرعت اتفاقية سيداو في إعطاء الحق للمرأة بأخذ نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل بدون تمييز بين كلا الجنسين، فمثلًا كانت المرأة الأوروبية قديمًا يتم منعها من أخذ ميراث الأب من الأراضي والأملاك السكنية، فكان الرجل عادة يأخذ جميع تركة الأب بدون النظر إلى الأنثى وهذا يعتبر انتهاكًا واضحًا لحقوقها، فجاءت اتفاقية سيداو ألغت هذه الامتيازات ومنحت حق المساواة بين الجنسين في التقسيمات الوراثية وجميع الحقوق الأخرى، وعندما ننظر إلى الدين الإسلامي فسنرى أنه شرع تلك الحقوق من قبل وقد منح المرأة حقها في الميراث بالعدل “للذكر مثل حظي الأنثيين”، وقد شرع الله عز وجل الضعف للرجل لأنه هو المسئول عن معيشة أسرته بأكملها في حين أن المرأة متزوجة ويقوم زوجها بالصرف على أسرته هو الأخر، فهذا يعني أن الرجل هو من سيحتاج للمال بصورة أكبر ولذا شرع الله له ضعف الأنثى.
ولكن اتفاقية سيداو شرعت هذه الأشياء في نهاية القرن العشرين وأول من طبقها هي دولتي طاجيكستان وقيرغيزستان، وأيضًا قامت الاتفاقية بمنح المرأة والرجل المسئولية المشتركة في تنشئة وتربية الأبناء بالتساوي، ويجب على كل الدول الموقعة على تلك الاتفاقية منح النساء القاطنين بأرضها كافة الحقوق المذكورة في بنود الاتفاقية، ولكن قد قامت بعض الدول الموقعة على الاتفاقية بالتحفظ على بعض البنود وعدم تطبيقها في البلاد، وذلك بسبب بعض الأحكام الدينية التي تتعارض مع تلك الاتفاقية.
اتفاقية سيداو وإلغاء عامل التفرقة بين الزوجين
من البنود التي نصت عليها اتفاقية سيداو هي المساواة بين الرجل والمرأة الأوروبية في جميع الأحكام والحقوق الزوجية، فأصبح للمرأة الحق في اختيار الزوج الذي تريد الارتباط به، والحق في الانفصال عنه وقتما تشاء، وأيضًا تمنح هذه الاتفاقية للمرأة حق حمل طفلها لأسمها لا لأسم الرجل، فالمعتاد هو حمل الولد لأسم الوالد لكن بعد هذه الاتفاقية أصبح يحق للولد حمل أسم والدته، وأيضًا لها الحق في تحديد مواعيد الحمل وعدد الأطفال الذين ترغب في إنجابهم، فقد كان هذا الحق يعطى للزوج فقط والمرأة ما هي إلا آلة إنجاب تنجب وقتما يشاء الرجل، وأيضًا للمرأة الحق في اختيار المهنة التي ستعمل بها بدون النظر إلى رأي الزوج.
كما منعت الاتفاقية أي عنف زوجي يحدث من قبل الرجل للمرأة، وذلك لأن أغلب الأزواج كانوا يعاملون الأنثى ببعض من الشدة والقسوة، وأول من طبق هذا القانون هي دولة النمسا فقد قامت محكمتها المحلية بحظر أي عنف زوجي للمرأة.
حق المساواة بين الجنسين أمام القانون
قد قامت اتفاقية سيداو بمنح الأنثى نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل أمام القانون بدون أي تفرقة كما كانت يحدث من ذي قبل، فأصبح للمرأة حق الانتخاب واختيار من يمثلها وفق أهواءها الخاصة، وأيضًا أصبحت شهادتها تقبل أمام المحكمة وتعامل نفس شهادة الرجل، وأيضًا منحتها كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد أتيح لها أخذ أي اقتراض مالي من جميع البنوك، والحق في المشاركة في أغلب الرياضات إن لم يكن كلها، وغيرها من الأحكام التي فرضتها اتفاقية سيداو على جميع الدول الموقعة عليها.
الكاتب: أحمد علي