اتفاقية أوسلو أو معاهدة أوسلو أو إعلان مبادئ ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، كل المصطلحات المذكورة تشير إلى نفس الشيء وهو المعاهدة التي تم إبرامها في 1993م بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة في ياسر عرفات وبين الحكومة الإسرائيلية ممثلة في شيمون بيريز وبحضور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون. تعتبر اتفاقية أوسلو واحدة من أكثر الاتفاقيات السياسية إثارة للجدل ولا تزال الآراء منقسمة حولها حتى يومنا هذا.. ترى لماذا ؟ وما مظاهر ذلك الانقسام.
الانقسام حول شرعية اتفاقية أوسلو الفلسطينية الإسرائيلية :
اتخذ الانقسام حول مدى شرعية اتفاقية أوسلو العديد من المظاهر وشمل عدد كبير من الأطراف وذلك على النحو الآتي:
الانقسام الفلسطيني :
تسبب توقيع اتفاقية أوسلو في إحداث انشقاق في صفوف الحركات الفلسطينية المختلفة، حيث أن الجهة الوحيدة التي أيدت الاتفاقية كانت حركة فتح، بينما على الجانب الآخر وقف كل من:
- حركة حماس
- حركة الجهاد الإسلامي
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
تلك المنظمات الفلسطينية المعارضة رأت أن المعاهدة تقضي على حلم تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أنها تنص على وقف أي أعمال عسكرية تجاه الجانب الإسرائيلي، علاوة على أن أفكار تلك المنظمات ترفض الاعتراف بدولة إسرائيل من الأساس وبالتالي ترى أن أي اتفاق مبرم معها هو حكم المنعدم.
الانقسام الإسرائيلي :
ردود الفعل الإسرائيلية تجاه اتفاقية أوسلو لم تكن أفضل حالاً من ردود الأفعال الفلسطينية، حيث أعلنت جبهة اليسار تأييدها الكامل لما ورد من نصوص ضمن الاتفاقية الموقعة مع الفلسطينيين، بينما أعلن اليمين رفضه الكامل والقاطع للاتفاقية شكلاً وموضوعاً.
تسبب اختلاف الرؤى في إثارة حالة واسعة من الجدل والخصومة داخل الكنسيت الإسرائيلي، حتى أن نتائج التصويت على الاتفاقية جاءت متقاربة بدرجة كبيرة حيث تضمنت الآتي:
- عدد المؤيدين للاتفاقية: 61 عضواً
- عدد الرافضين للاتفاقية: 50 عضواً
- عدد من امتنعوا عن التصويت: 8 أعضاء
القبول العالمي والمعارضة المحلية :
الاختلاف حول اتفاقية أوسلو وأهميتها لم يقتصر على طرفيها المتمثلين في منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولة إسرائيل فحسب، بل إنها تسببت في حالة من الجدل الدولي بين العديد من الدول المؤيدة والرافضة للبنود التي احتوت عليها اتفاقية أوسلو الأصلية وكذلك مجموعة الاتفاقيات الأخرى المتممة لما جاء بها.
استقبل العالم الغربي الاتفاقية باحتفاء كبير واعتبرها خطوة بارزة على طريق السلام بين الطرفين المتنازعين، كذلك أغلب الدول العربية أيدت ما ورد بها من بنود باستثناء دولة سوريا التي عارضت الرأي العربي والعالمي، وبذلك كانت تلك الاتفاقية سبباً في نشوب خلافات بين العديد من الدول التي لم تكن -في الأصل- طرفاً بها.
اختلاف علماء الدين :
خلاف من نوع آخر تمت إثارته حول اتفاقية أوسلو وهو مدى مشروعية الاتفاق من الناحية الدينية، حيث تولى عدد من علماء الدين في العالم العربي هجوماً شرساً على الاتفاقية، كما رفضوا الاعتراف بما جاء بها من نصوص أو ما ترتب عليها من نتائج بما في ذلك تحديد الحدود السياسية بين دولة الكيان الصهيوني وبين المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الفلسطينية.
قام علماء الدين بتحريم الاتفاقية من الناحية الدينية رافضين التهادن أو إبرام المعاهدات مع الجيش المعتدي، مؤكدين على حق الشعب الفلسطيني في النضال حتى ينال حريته ويستعيد حقه المغتصب، بينما بعض رجال الدين الآخرين رأوا أن الاتفاقية تدعم السلام وتقضي على أسباب الحروب الدائمة بين الطرفين ومن ثم أعلنوا تأييدهم لها حقناً للدماء.
الجدال حول أهمية اتفاقية أوسلو :
كان من أسباب إثارة الجدل حول اتفاقية أوسلو الاختلاف في تقدير أهمية النتائج المترتبة عليها، حيث رأى البعض أن الاتفاقية تمنح إسرائيل الحق في فرض سيطرتها على نحو 78% من الأراضي الفلسطينية مما يعد إهداراً بيناً لحق الشعب الفلسطيني في أرضه، بينما المدافعون عنها رأوا أن الاتفاقية تمنح الفلسطينيين الحق لأول مرة في الحكم الذاتي ومن مظاهره إنشاء قوة شرطة محلية لحفظ الأمن في الأراضي التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية بالإضافة إلى إقامة مجلس تشريعي فلسطيني منتخب.