أصبحت إعلانات رمضان تلقى نفس الجدل والاهتمام بنفس القدر الذي تثيره المسلسلات والفوازير، بل على العكس كان قديما ينتظر الناس رمضان من أجل الفوازير ومقالب الكاميرا الخفية والمسلسلات الجديدة، ولكن الآن مع اختفاء كل هذا وتراجع مستوى الدراما إلى درجة الإسفاف أصبحت الإعلانات هي المادة المصورة الأكثر جودة وسط كل هذه الساعات من البث الحي للفضائيات أصبحت الإعلانات الشيء الوحيد الجيد فيها، لا ريب أن هناك شيء غريب يحدث ولكن حين نتحدث بموضوعية فسنجد هذا طبيعي جدا، تراجع المحتوى الفني وتقدم المحتوى التسويقي بشكل عجيب، فما الأسباب وراء ذلك؟ ذلك ما سنتحدث عنه في السطور القليلة التالية.
ميزانيات إعلانات رمضان الضخمة
تضع شركات الإنتاج للإعلانات ولحملات إعلانات رمضان تحديدا ميزانيات ضخمة تقدر بالملايين، وخصوصًا الشركات الضخمة من شركات الاتصالات أو المشروبات الغازية أو السيارات، كل هذه شركات تريد أن تثبت وجودها في مجالها بحملة إعلانية تنفق فيها ببذخ وعموما إن كنت تستغرب إن كانوا سيعوضون هذه النقود التي ألقوها في الحملة الإعلانية أم لا فأحب أن أطمئنك أنهم عوضوها بالفعل ربما من شهر رمضان ذاته، فتشير المؤشرات إلى زيادة مبيعات هذه الشركات بعد الحملات الإعلانية العملاقة التي تنتهجها.
وجود باقة من النجوم اللامعين في إعلان واحد
لو لاحظت إعلانات رمضان وتأملتها ستجد أن هناك باقة من النجوم في إعلان واحد، باقة كبيرة من الصعب أن يجتمع ربما اثنان منهم في عمل فني واحد، والآن ترى مثلا عشرة نجوم لامعين من الفن والكرة وغيرها في إعلان واحد يستغرق دقيقة، مما يجعلك أنت نفسك حريص على مشاهدة الإعلان وحريص على مشاهدة هؤلاء النجوم جميعهم، ولأن الإعلان يكون قصير فإنه يشوقك أكثر وأكثر لمشاهدة نجومك المفضلين مرارا في هذه المدة الزمنية القصيرة وبالتالي تحقيق الإعلان رغبته.
المجهود المبذول من أجل إعلان واحد
استطاعت إعلانات رمضان أن تجد لنفسها مكانا بسبب المجهود المبذول من أجل إعلان واحد يذاع على مدى ثلاثين يوما فحسب ويختفي من الوجود، هذا المجهود يأتي على سبيل كتابة الإعلان وتطوير فكرته وإيجاد المخرج الأفضل له وإيجاد الشكل النهائي لما يجب أن يكون عليه الإعلان فضلا عن الكثير من التصوير والإعادة والتصوير والإعادة، بمعنى أن هناك شخص حريص على إخراج الشيء المثالي، فالمنافسة قوية جدا وبالتالي سيقدرها الجمهور بالفعل إن رأى فيها ما يجذبه.
تحول الدراما إلى وسيلة جذب إعلانات رمضان
أصبحت الدراما والمحتوى الفني والتلفزيوني بشكل عام هو مجرد وسيلة لجذب الإعلانات ليس إلا، فلم تعد الإعلانات فواصل بين البرامج والمسلسلات، بل أصبحت البرامج والمسلسلات تعبئة للفواصل الزمنية بين الإعلانات وبالتالي ليس مهما محتواها المهم أن يكون بها الخلطة التي تجذب المشاهدين وتعلي نسبة المشاهدة فتجذب المعلنين إليها، وليس مهما جودة المحتوى أو المجهود المبذول فيه، عكس الإعلانات وخصوصًا إعلانات رمضان التي يجب أن تكون مثالية حتى تعلق في ذهن المشاهد ولا تبتعد عنه، وكل هذه الأمور عموما أدت إلى إفساح المجال للإعلانات للظهور، حيث تقدم جودة الإعلانات وتراجع مستوى المحتوى التلفزيوني أدى إلى ظهور إعلانات رمضان بأفضل شكل وتلميعها.
إعلانات رمضان أصبحت أفضل شيء تشاهده في رمضان بسبب عدم احترام صناع الدراما والبرامج لمهنهم والوعي بأهميتها، بل التعامل معها كوسيلة لكسب لقمة العيش ليس إلا وجذب المعلنين والمساحات الإعلانية، وهذا ترتب عليه أن أصبحت الإعلانات هي المحتوى الرئيسي.