أهمية التعليم لا تقتصر على الفرد وحده فحسب، بل إن آثار التعليم الإيجابية أكثر تعدداً وأكثر شمولية من ذلك، فهي تنعكس على المجتمعات ككل، و أهمية التعليم الحقيقية تتمثل في إنه العامل الأساسي والمتحكم في درجة رقي وتقدم الشعوب، ولهذا حثت عليه الأديان السماوية جميعها.
أهمية التعليم للمجتمع :
أهمية التعليم تماثل أهمية الماء والهواء دون مبالغة، فإن كانت تلك العناصر المادية هي ما تبقي الإنسان حياً، فإن التعليم يجعله قادراً على الإبداع ويجعله أكثر فاعلية، ويزيد من قدرته على إعمار الأرض وتنمية مجتمعة، ومن أوجه أهمية التعليم بالنسبة للمجتمع ما يلي:
التعليم يحارب التطرف :
في الآونة الأخيرة عانت الدول العربية -أكثر من غيرها- من ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني، وهنا يجب أن نعترف إن من الأسباب الرئيسية لتنامي تلك الأفكار الشاذة، والبعيدة كل البعد عن دين الإسلام وأحكامه وشريعته، هو غياب الوعي وتفشي الجهل وتسطح الفكر، وهنا نتبين أهمية التعليم ودوره في حماية الشعوب والمجتمعات، فالتعليم يساهم في خلق إنسان يتسم بالاتزان الفكري، لديه القدرة على إعمال علم المنطق، وتحليل الأمور بعقلانية وتروي وتبين الصالح منها من الطالح، باختصار فإن المنظومة التعليمية إن صلحت من المستحيل أن يجني المجتمع عقولاً فاسدة.
التعليم والمواطن الفعال :
سلبية المواطن هي أخطر داء قد يصيب الشعوب، فذلك المواطن هو عبء على وطنه والعقبة الأخطر في طريقه نحو الرقي والتقدم، ومن أهمية التعليم إنه ينتج مواطناً واعياً بقضايا وطنه وهمومه، ذو فاعلية يعرف حقوقه السياسية ويمارسها، فاليوم الشعوب بصفة عامة وشعوب منطقة الشرق الأوسط لديها تطلعات نحو الحياة الديمقراطية، ولكن التجارب السابقة أثبتت إن إصلاح المنظومة السياسية يبدأ بإصلاح المؤسسات التعليمية، كي تفرز مواطناً قادراً على ممارسة حقوقه، يدرك أهمية صوته وخطورة اختياره، فلا تخدعه الوعود الوهمية الزائفة ويتمكن من تقييم برامج المرشحين.. إلخ.
التعليم وقوة المجتمع :
كشفت العديد من الدراسات إن من العوامل الخالقة لـ أهمية التعليم ،إنه يزيد من قوة النسيج المجتمعي، فالتعليم يشعر الفرد بقيمته وفاعليته في المجتمع، فهو يحد بنسبة كبيرة من انتشار البطالة، كما إنه يقلل الفوارق الطبقية بين ابناء المجتمع الواحد، كما يساهم في محاربة الأفكار الهدامة، وأبرزها الفكر العنصري والتفريق بين ابناء المجتمع على أساس النوع أو العقيدة أو اللون.
التعليم والقوة العسكرية :
(التسلح بالعلم) ليس مجرد وصف بليغ أو شعار رنان، بل هو توصيف دقيق للواقع الذي يشهده العالم اليوم، فالحقيقة إن العلم في زمننا المعاصر صار سلاحاً بحق، ومن العرب الذين فطنوا إلى تلك الحقيقة وبينوا أهمية العلم العالمان المصريان دكتور مصطفى مشرفة ودكتورة سميرة موسى، والأخيرة قامت بتأسيس أولى هيئات الطاقة الذرية بالوطن العربي، ولم يكن الهدف من امتلاك السلاح النووي هو العدوان، إنما رأوا إن انتشار هذا النوع من التسليح سيحقق توازن القوى ومن ثم يساهم في إقرار السلام، كما إنه يجعل الدول العربية قادرة على الدفاع عن نفسها وردع أي عدوان قد تتعرض له.
التعليم والتقدم :
أهمية التعليم بالنسبة للمجتمعات أيضاً تتمثل في كونه أساس التقدم الحضاري، فالفارق الجوهري الوحيد بين المجتمعات المتحضرة والمتأخرة هو نسبة التعليم، أما الرقي والتقدم والقوة الاقتصادية والعسكرية وقوة الترابط المجتمعي، ما هي إلا نتائج تأتي مترتبة على صلاح العملية التعليمية، وببساطة يمكننا تبين أهمية التعليم والتأكد من ذلك، بعقد مقارنة بسيطة ما بين مستوى التعليم في قارة إفريقيا وقارة أوروبا، ثم عقد مقارنة أخرى بين أوضاع المجتمعات هنا وهناك.