السير ألفريد هتشكوك واسمه هو واحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في صناعة السينما العالمية، ويرى بعض النقاد أنه الأكثر تأثيراً على الإطلاق، قدم المخرج البريطاني ألفريد هتشكوك خمسين فيلماً خلال فترة نشاطه الفني، يُعد أغلبها من العلامات المميزة والفارقة في تاريخ صناعة السينما، حيث لا يوجد مخرج معاصر لم يُلهمه هتشكوك أو لم يقتبس عنه أحد أدواته الفنية، ويُذكر أن هتشكوك كان من أوائل المخرجين ذوي الأصول الأوروبية ممن جذبتهم عاصمة السينما هوليود لتنفيذ الأفلام، بهدف الارتقاء بمستوى الأفلام الأمريكية فنياً وتقنياً.
إسهامات ألفريد هتشكوك في صناعة السينما
تعد أفلام ألفريد هتشكوك بمثابة نقطة تحول في مسار صناعة الأفلام على مستوى العالم، حيث ألهم أسلوبه الفني مختلف أجيال صناع السينما التي لحقت به، ويرى البعض أن الفضل يعود إليه في تأسيس مفاهيم صناعة السينما الحديثة وخاصة سينما التشويق والإثارة.
بناء التشويق
قام ألفريد هتشكوك بتأسيس مبادئ تحقيق الإثارة والتشويق في أفلام السينما، وكان يعتمد في تحقيق ذلك على أسلوب فني معين أطلق عليه (التحكم في المعلومات)، حيث كان يتبع نمطاً يعتبر غريباً -آنذاك- في كتابة السيناريو.
كان يعتمد ألفريد هتشكوك في البناء الدرامي على تعريف المشاهد ببعض المعلومات التي تجهلها شخصيات الفيلم، مثال ذلك أن يُعرف المشاهد بوجود قنبلة في مكان ما بينما أبطال الفيلم يجهلون ذلك، وبالتالي تزداد حالة الترقب لدى المشاهد والتساؤل حول مصير الأبطال، أو أن يقوم بالعكس مثل أن يحجب بعض المعلومات عن المشاهد مما يدفعه للتساؤل حول دوافع أبطال الفيلم أو حول حل اللغز الذي يطرحه.
الاستخدام الفني للمونتاج
جاء ألفريد هتشكوك في زمن لم تكن تقنيات الخدع البصرية فيه قد بلغت حد التطور الذي بلغته اليوم، إلا أن هتشكوك برع أكثر من أي مخرج آخر في استغلال مجموعة مقومات صناعة الأفلام المتوفرة في زمنه ليصنع أفلاماً مشوقة درامياً ومبهرة بصرياً، وكان المونتاج أحد تلك المقومات التي استعان بها.
قبل هتشكوك كان يقتصر دور المونتاج على إعداد الشريط السينمائي للعرض، أي أنه كان استخداماً عملياً وليس فنياً، إلا أن ألفريد هتشكوك استطاع توظيفه في خدمة رؤيته الإخراجية، فكان يستخدم القطع في تسريع إيقاع المشاهد وإثارة خوف المشاهد، وكان يستخدم القطع المتكرر والحاد عادة في مشاهد الجريمة.
الاهتمام بالتفاصيل
سر نجاح ألفريد هتشكوك هو اهتمامه البالغ بكافة التفاصيل التي يحتويها الفيلم، حتى أنه يقول أن الجزء الأصعب من إنجاز العمل الفني هو دراسة السيناريو، حيث كان يحرص هتشكوك خلال تلك المرحلة على تحديد كافة التفاصيل التي سيحتاج إليها أثناء تصوير الفيلم وإعداد النسخة النهائية منه، فقد كان يحدد أبسط العناصر التي يتكون منها الكادر مثل الإكسسوارات والملابس وكذلك يحدد على الورق زوايا التصوير وغير ذلك، وهذا كله كان بهدف واحد هو أن يعمل وفق خطة محددة بدقة وأن يتفادى ظهور أية مفاجآت أثناء العمل.
الأبعاد النفسية للشخصيات
كان لـ ألفريد هتشكوك تأثير واضح على أسلوب كتابة السيناريو السينمائي وطريقة رسم الشخصيات، حيث يعد من أوائل من اتجهوا إلى الاستناد إلى نظريات علم النفس في تكوين الشخصية السينمائية.
ذل الأسلوب الذي ابتدعه هتشكوك في كتابة السيناريو السينمائي جعل أعماله رغم غرابة أحداثها أكثر اتساقاً مع علم المنطق، وبناء على ذلك استطاع المشاهد أن يتقبلها بسهولة وينفعل مع أحداثها.
الاتجاه إلى الإنتاج التلفزيوني
تأثير ألفريد هتشكوك في مجال صناعة المجتوى الفني لم يقتصر على مجال الإخراج والسيناريو فحسب، بل أنه كان صاحب رؤية إنتاجية ثاقبة، ويعد هو وصناع الرسوم المتحركة الأشهر والت ديزني من أوائل صناع الأفلام الذين اتجهوا إلى التلفزيون في بداية عهده، حيث كان يرى هتشكوك أن التلفاز يُمثل المستقبل وأنه سيكون الأكثر مشاهدة في السنوات التالية، وبناء على ذلك كان من أوائل من اتجهوا إليه وقام بإنتاج العديد من البرامج والأفلام المُعدة للعرض التلفزيوني مباشرة.