جميع الفئات العمرية تعشق ألعاب السحر بجميع أنواعها، من الألعاب البسيطة بأوراق الكوتشينة، إلى الخدع الكبيرة التي يضع فيها الساحر حياته على المحك، أو خُدع الاختفاء، وهذا الانجذاب الذي يتشارك فيه جميع البشر جذب أنظار علماء علم النفس أيضًا، لدراسة مدى تأثير ألعاب السحر على نفوس المشاهدين، والسر وراء الانغماس في عشق هذا الفن، وفي جامعة غولدسميث الإنجليزية في لندن، تم تخصيص معمل كامل في قسم علم النفس يدعى “معمل السحر” لدراسة الأسباب التي تزيد من عشق البشر للسحر وخدعه على الرغم من معرفتهم التامة بأنها مجرد خدع وليست حقيقة، وفيما يلي تلخيص لأهم ما جاء عن أبحاث معمل السحر.
التضليل في ألعاب السحر
ألعاب السحر تعتمد بشكل أساسي على التضليل، كما يشرح الدكتور غوستاف كون، الباحث في معمل السحر، والتضليل هو ما يفعله الساحر لجعل المشاهد يركز على أمر غير مهم ولا يتدارك ما يحدث أمام عينيه مباشرة، وكلما أبدع في التضليل، أبهر الجمهور بشكل عجيب، يمكن القول بأن ألعاب السحر هي فن التضليل، والبشر يعشقون ما يضللهم عن الحقيقية بطبعهم، وينبهرون لأنه على الرغم من محاولتهم التركيز للكشف عن الخدعة، لن يجدوها، لأنهم ببساطة ينظرون في الاتجاه الخاطئ.
الوهم والتزييف
من أبحاث معمل السحر، يستنتج الباحثون بأن هناك رابط قوي بين تأثير ألعاب السحر على البشر وتأثير الأخبار الوهمية والمزيفة التي يمكن رؤيتها على مواقع التواصل الاجتماعي ، فعلى الرغم من معرفة البشر بأن السحر وهمي والأخبار مزيفة، سيظل تأثير الانبهار ثابت وواحد في الحالتين، بل إن المزيف أحيانًا ما يكون أكثر انبهارًا من الحقيقي، وعلى سبيل المثال: حين يطلب الساحر من أحد الجمهور بأن يسحب ورقة عشوائية، يعتقد الجمهور والشخص بأن الأمر عشوائي تمامًا، غير منتبهًا لفكرة أن الساحر يتلاعب بالاختيار، ولا يوجد مجال حقيقي لاختيار عكس ما يرغب فيه الساحر، وهذا ما يُعرف بالإرادة الحرة الوهمية، لأن فكرة الإرادة الحرة تثير عقل البشر وتجعلهم منتبهين بشكل كبير، مع كونها وهمية في الحقيقة، ولكن الوهم يزيد من تأثير الانبهار.
زيادة الثقة بالنفس
حب مشاهدة ألعاب السحر يرتبط في النفس بالرغبة في أدائها، فمن خلال الدراسات التي أقيمت على مجموعات من الطلاب، تعلم أداء ألعاب السحر زاد من الثقة بالنفس عند هؤلاء الطلاب، وساعد الكثير منهم لتخطي الخجل وبناء علاقات جديدة مع الطلاب الآخرين، فالسحر فن له طبيعة خاصة، لأن العارضين يمكنهم أن يخلقوا عالم طفولي سحري حيث يمكن للساحر فعل كل ما يريد.
التطور والصراع المعرفي في ألعاب السحر
منذ الصغر، ولدى البشر حافز داخلي للتطور، عبر الانبهار بكل ما هو جديد ومثير، وعندما يشاهدون عرض سحري، تتم إثارة القشرة الأمامية الجبهية في المخ، وهو دليل على صراع معرفي، ما بين ما يشاهده الإنسان وبين ما يعرف أنه مستحيل، هذا التشويش على المخ، قد يكون مخيفًا ومرهقًا إن كان في سياق حقيقي، ولكن إن كان في سياق مرح، سيكون تجربة ممتعة.
معرفة البشر بأن ألعاب السحر خدعة، هو السبب وراء استمتاعهم بالأمر وإثارة عقولهم، تمامًا مثل الرغبة المستمرة في مشاهدة أفلام الرعب.