عندما نسمع جملة أكل لحوم البشر نتذكر القصة التي سمعناها منذ طفولتنا وهي قصة أسد الله حمزة بن عبد المطلب، حيث أن هذا البطل الإسلامي قام ببطولات عظيمة في غزوة بدر وغزوة أحد ولكنه استشهد في الغزوة الثانية على يد وحشي بن حرب الذي أسلم بعدها بعدة أعوام، وبعد استشهاده قامت هند بنت عتبة بشق بطنه واستخراج كبده وأكلت قطعة منه ثم لفظته لمرارة طعمه، وتوجد عدة أسباب تجعل الإنسان يقوم بأكل لحوم البشر أهمها هو الفقر والمجاعة، حيث أن هذا السبب يعتبر العامل الرئيسي في تلك العملية، ثم تأتي بعده بعض الأسباب الأخرى مثل تضييق الحصار على الممالك والدول ولا تجد تلك الشعوب ما تأكله، فتلجأ إلى التغذي على بعضها البعض لنفاذ الطعام الموجود لديها مع عدم قدرتها لجلب الطعام بسبب الجيوش المرابطة أمام أسوار المدينة، وأيضًا من ضمن أسباب أكل لحوم البشر حب الانتقام أو كعادة قبلية متبعة منذ القدم، وغيرها من الأسباب التي يتخذها أكلي لحوم البشر كوسيلة لتنفيذ ما يحبونه، ولكن في الأخير الأمر مقزز تمامًا وغير أدمي بالمرة.
أكل لحوم البشر وانتشار الفقر والمجاعات
تعتبر المجاعات والفقر هما أولى الأسباب التي أدت ببعض الناس إلى أكل لحوم البشر، حيث أنه عادة ما ترتبط هذه العادة بالقبائل التي تسكن في الدول الفقيرة أو في الصحراء بصفة خاصة، وذلك لأنها لا تستطيع إشباع جوعها لندرة الطعام الموجود لدى تلك القبائل، فبالتالي تتوجه إلى أكل لحوم بعضها البعض والتضحية بأحد منها أو من القبائل الأخرى لتناوله في بعض الأيام، وقد سجلت الدراسات أن هذه العادة انتشرت في القبائل الأسيوية والأفريقية بصورة كبيرة جدًا، فمثلًا في قبائل الجنوب الغربي لقارة إفريقيا وجد في بعض أوعية طهي الطعام بعض عظام وبقايا أشخاص منذ مئات السنين، فقد قامت هذه القبائل بخطف أو أخذ هذا الشخص بالقوة أيًا كان من نفس القبيلة أو قبيلة أخرى، ثم تقوم بقتله أولًا لكي ترحمه من العذاب الذي سيشعر به فيما بعد.
وبعدها تقوم بتقطيعه إلى عدة أجزاء الأرجل وحدها، واليدين، والبطن بالصدر، ثم الرأس، وفي العادة ترمى الرأس لعدم التلذذ بطعمها، ثم يقومون بطهي كل هذه الأجزاء في أوعية الطهي على النار وبعض الاستواء يبدئون في توزيع هذا الجسد المطبوخ على جميع أفراد القبيلة، وهذا بسبب شدة الفقر وانتشار المجاعات في أغلب مناطق قارة إفريقيا، ولا تقتصر إفريقيا على هذه العادة السيئة فقط بل وجدت آثار لها في آسيا وأمريكا الشمالية أيضًا.
الحصار الشديد من قبل الأعداء
من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انتشار عادة أكل لحوم البشر في القرون السالفة هو الحصار الشديد من قبل الأعداء، قد كانت الكثير من المعارك قديمًا تبدأ بهجوم أحد الفريقين على الأخر ويلتزم الفريق الثاني بالدفاع والمكوث وراء أسوار المدينة لدم مواجهة العدو، وعادة ما تظل الجيوش المرابطة في الخارج بالانتظار طويلًا حتى تنفذ الموارد المعيشية من أكل وشرب وغيره داخل المدينة المحاصرة، وبالطبع يحاول من بالداخل المقاومة والحفاظ على حياتهم حتى انصراف هذه القوات وتعود الحياة كما كانت عليها، وبعد نفاذ الأكل والشرب تبدأ سلسلة الإطاحة بالحلقة ألأضعف داخل المدينة وهم البسطاء والفقراء فيقومون بأخذ بعضهم كل يوم لذبحهم وطهوهم جيدًا داخل أوعية الطهي، ثم يقومون بأكل تلك اللحوم بكل بساطة للحفاظ على حياتهم من الهلاك، وهذا يعد من الأسباب الرئيسية الأقل انتشار لعادة أكل لحوم البشر وذلك لأنه لا يتم التعرض لتلك الحالة إلا وقت المعارك والحصارات طويلة الأمد.
اعتقادات خاطئة في نفوس هذه القبائل
كانت القبائل قديمًا تعتقد أنه عند أكل لحوم البشر من الأقرباء والأهل أو القادة والعظماء سوف تنتقل قدراتهم الفكرية والعقلية إلى هؤلاء المتناولين للحم، فكانوا يقامون بتناول لحم هذا الشخص بعد موته فلا يدفن بل يقطع ويطبخ ثم يأكلونه، وقد أشيع أنه في بعض القبائل النيوزيلاندية كانوا يقامون باستخراج مخ الميت وأكله كتكريم له، فبعد موته مباشرة يأتي الساحر أو الكاهن الخاص بالقبيلة ويقوم بإنشاد الأناشيد الدينية وأداء بعض الطقوس المعروفة لديهم، ثم يقوم بكشف رأسه وفتحها بواسطة سكين ويستخرج المخ منها، بعد ذلك يقومون بغلق هذه الفتحة أولًا ثم دفنه أو إضمار النيران في جثته، وبعدها يقوم هذا الكاهن بتوزيع مخ الميت بين أهله ومحبيه بالتساوي وفي معتقداتهم هذا تكريمًا له، وتقوم بعض القبائل بفعل من قبيل هذا ما قد وجدنا عليه آباءنا ولا يعرفون الفائدة منه بل هو طقس ديني يجرى قبل دفن الميت.
وقد انتشرت هذه الظاهرة في دولة نيوزيلندا وبعض دول شرق وجنوب آسيا، وقد اكتشفت ظاهرة أكل لحوم البشر من قبل البعثات التي أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى الهند ودول الشرق الأسيوي، فهذه الدول مليئة بالظواهر والعادات الغريبة للغاية والذي ما زال أغلبها متواجد إلى وقتنا الحالي.
الوصول إلى ذروة الانتقام من الأعداء
في بعض الأحيان يكون السبب في أكل لحوم البشر هو شدة الانتقام من الأعداء، حيث أنه عندما يكون الشخص مغتاظ من عدوه يحاول القضاء عليه بشتى السبل مهما كلفته الأمور، فمثلًا عندما يرسل حاكم دولة رسالة إلى دولة أو مملكة أخرى يأمرها بالتسليم له ودفع الجزية مقابل عدم القضاء على دولته أو اقتصاصها من جذورها، فيرد الحاكم الأخر برسالة مثيرة للغضب فيها بعض من المعاندة مع أنه يعرف في قرارة نفسه أنه لن يقدر على مواجهة هذا الحاكم أو التصدي له طويلًا، فيستثار الحاكم بهذه الرسالة ويبدأ بتجهيز جيشه والوعيد لهذا الشخص، وعندما تصل قواته إلى أسوار المدينة يعرض الحاكم مرة أخرى على العدو التسليم مقابل تركه وعدم التعرض له بأي أذى، ولكنه يصر على المكابرة والعناد وتزداد وطأة الحصار حتى تقع المدينة ويمسك الحاكم بعدوه ويبدأ في التنكيل به.
فمن الممكن أن يقطع رأسه ويأكل بعض أشلائه ويأمر الجنود بطبخه وتناوله في الغداء بكل سهولة، فنار الانتقام شديدة للغاية ويصعب إطفاء نيرانها إذا اشتعلت، وغيرها من الصور الأخرى مثل كثرة الفساد الذي يحدثه أحد الناس في الطرف الأخر فيقتل ويسرق وينهب مما يزيد حماسه للانتقام من هذا الرجل، وعند العثور عليه يكون الأمر في غاية الصعوبة ومن الممكن أن يصل إلى أكل لحم هذا الشخص، فكم من حادثة مرت علينا تتعلق بأكل لحوم البشر كان الانتقام هو السبب فيها.
ختامًا
في الأخير يجب أن نعلم أن عملية أكل لحوم البشر هي في غاية الصعوبة والاشمئزاز، وعادة ما تحدث من الأقوام الغير مسلمين، فديننا ينهى عن التنكيل بالموتى أو الأحياء بل من يخطأ يحاسب وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
الكاتب: أحمد علي