لا شك طبعًا أن اعتبار الممثل أحمد أمين نجم كوميدي موهوب بالفطرة أمر يشغل محل الاتفاق لدى الجميع، وخصوصًا أولئك الذين يعكفون أساسًا على مشاهدة المادة الكوميدية بمختلف أشكالها، ففي النهاية هم يرون الجميع ويُصدرون الأحكام، ثم يأتي أمين ليأخذ مقعد القيادة في ذلك المجال، والحقيقة أن مقارنة أمين لا تكون فقط مع الممثلين المصريين، وإنما كذلك يُمكن رفع المستوى إلى نطاق الوطن العربي بأكمله، فهو يظل الأفضل ضمن هذا النطاق، لكن رغم ذلك يبقى هناك سؤال يطرح نفسه وبشدة، لماذا يعتبر الجمهور هذا النجم كوميدي تمامًا بالفطرة؟
عدم بذل أحمد أمين مجهود للإضحاك
متى يُمكن الحكم على الشخص بأنه متميز؟ ببساطة عندما يفعل ما يفعله بشكل صحيح ومتقن، لكن متى يُمكننا القول إن هذا الشخص موهوب؟ فقط في تلك اللحظة التي يفعل فيها الشيء دون أن يبذل فيه أي مجهود يُذكر أو يتعمد خروجه على نحو جيد، فكل ما هنالك أنه يُقرر القيام بالشيء ثم بعد ذلك تحدث الأمور من تلقاء نفسها، وذلك بالضبط ما يفعله أحمد أمين وما يجعله ممثل كوميدي بالفطرة، فأغلب الممثلين يركنون إلى بعض الأمور التي تجعل الجمهور يضحك، وقد يُبالغون ويفعلون أشياء لا تليق بهم فقط من أجل تحقيق هذا الغرض، لكن أمين لا يحتاج لكل ذلك، هو فقط يظهر أينما يظهر ثم يبدأ الضحك من تلقاء نفسه لأنه، وببساطة شديدة، موهوب بالفطرة.
الاعتماد على التلقائية البحتة
شيء آخر يجعل أحمد أمين ممثل كوميدي بالفطرة دون أن يكون هناك أي تشكيك في ذلك، والحديث هنا عن فكرة الاعتماد على التلقائية البحتة أثناء العرض أو الأداء، سواء ذلك الشيء المعروض فيلم أم مسلسل أم مسرحية ففي النهاية أحمد أمين لن يلجأ إلى أسلوب مُصطنع أو يقوم بشيء يُغير في شكله أو في طريقة نطقه ويجعل الجمهور يضحك في النهاية، إذ أن كل هذا غير موجود بالمرة في قاموس هذا الرجل، بل إن تلقائيته بالأساس هي السر الأول والرئيسي لقوته وتميزه، فهو يُضحكك بأبسط الكلمات وأبسط الحركات، ثم تكتشف فجأة أن ما يقوله، وعلى الرغم من الكوميديا العالية الموجودة بها، قد خرج في صورة جادة تمامًا، تخيلوا، أحمد أمين لم يضحك مُطلقًا لحظة القيام بالأداء الكوميدي بينما الجمهور يهلك ضحكًا!
ولوج أحمد أمين لأماكن ضحك غير مطروقة
هناك مناطق يعرفها الكوميديان تُعرف باسم مناطق الضحك، ولأن الأمور قد تبدو غريبة بعض الشيء فدعونا نوضح ذلك ونقول بكون المنطقة التي يُشير إليها في الضحك يُقصد بها الطريقة، فعندما نتحدث مثلًا عن منطقة مثل الحركات البهلوانية أو الكلمات المُلتوية فإن البعض قد يفعل ذلك عندما لا يمتلك أداء كوميدي آخر، وغالبًا ما ينجح الأمر مع الجمهور ويخرج الضحك، لكن الأمر مع أمين مختلف تمامًا، إذ أنه قادر على الولوج لأماكن ضحك غير مطروقة تمامًا وحتى الجزء الحزين أو الذي يمكن التأثر سلبيًا بها والشروع في البكاء يُمكن لأمين أن يحوله إلى منبع للضحك الشديد، وقد فعل هذا الأمر مرات عديدة من قبل، على العموم، برامج مثل البلاتوه ومسلسلات مثل الوصية ومسرح مثل أمين وشركاءه يشهدون على صدق ذلك الحديث وأنه يُعطي أمين جزء من حقه وموهبته.
