منذ قديم الزمن اعتاد الإنسان العيش في مجموعات، تساعد بعضها بعضاً في العيش، ومقاومة ظروف الحياة المتقلبة، والحصول على الطعام. ومع الوقت بدأت الاعداد في ازدياد وأصبحت المجموعات مجتمعات تقسمها عائلات وأسر. وبقيت حياة الانسان كما هي، فلا يستطيع المرء ان يعيش وحيداً لإن الحياة تسهل كثيراً لاسيما إذا كانت داخل مجتمع يحتضنه ويجد فيه دفء الأهل والأصدقاء.
ولكن ليس كل البشر خيرين، ففي الحياة نصادف اناساً جيدون واخرون سيئون، ومن اكثر الأشخاص شراً ونبذاً من المجتمع، أشخاص لديهم صفه تسمى “النفاق”. فهؤلاء هم اكثر الأشخاص يجب ان يأخذ المرء حذره منهم وأن يتحاشاهم. ولكن لماذا؟ من هم المنافقون؟ ولماذا يكرههم الناس ويتحاشاهم؟
لماذا يكره الناس المنافق
فالمنافق هو ذلك الشخص الذي يتظاهر للمجتمع المحيط انه يحمل نفس المعتقدات او المشاعر او السلوكيات والصفات التي لديهم، ولكنة في حقيقة الأمر لا يحمل أيا منها. ويعرف ايضاً ان المنافق هو الذي يعلن ما لا يخفي حقيقاً، ويتحدث بما ليس في قلبه، ويفعل عكس ما يقول، فهو يتحدث بالكذب، ولا يؤتمن على سر قط. ولعل الجميع يخشى المنافقون ويخشى شرهم حيث انهم يضرون بالشخص سواء كان عن طريق الكذب والخداع او عن طريق الاحتيال لأجل مصلحة شخصية.
اسباب النفاق
ويرجع علماء النفس صفة النفاق الى سببين، اولهم أن ذلك الشخص الذي يمارس النفاق لا يعلم انه ينافق، بل هو اضطراب عقلي يصور له انه حقاً يعتقد ذلك في هذا الوقت، كالذي يظهر محبته لبعض الأشخاص او تصديق فكرة او معتقد معين، ولكن فيما بعد يوضح له عقله انه لا يعتقد بذلك اطلاقاً, وارجع العلماء ان هذا السبب ربما يكون بسبب خطأ تربوي ويتحمله الأبويين.
فعلى سبيل المثال يحذر علماء النفس والأخصاء الاجتماعيين الأهل من إعطاء وعود لأبنائهم لن يقوموا بتنفيذها، كالوعد الذي يقطعه الأب او الأم للطفل، انه اذا اكمل طعامه سيصحبانه في نزهه، فإذا قام بذلك تعين عليهم تنفيذ ما قالوه وإلا سيعد ذلك كذباً وسيعتاد الطفل منذ صغره علي ذلك، انه يمكن للوعود ان تنكسر ويبدأ يمارس تلك الصفة التي اكتسبها من اهله بسبب خطأ غير مقصود في التربية، ويمارسها بالتالي علي أولادة وهم بذلك يكتسبون الصفة ايضاً فهي صفة مكتسبة وليست جينية.
اما السبب الثاني فهو النفاق المقصود والذي يمارسه الشخص عن عمد وهو يعلم انه يخادع وينافق، كالذي يفعله بعض المحتالين في الأسواق او البورصة، فيتعين عليه ان يخادع ليجني الكثير من الأرباح دون جهد عن طريق الرياء والخديعة. وايضاً ارتبط ذلك النوع بالسياسة، حيث ان السياسيين يقومون بتقديم وعود للجماهير في فترة الانتخابات على سبيل المثال وهم يعلمون يقيناً انهم لم ولن يتمكنوا من تنفيذ أيا منها. ويعود ذلك الارتباط زمن بعيد، ففي أثينا اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد سخر الخطيب المفوه “ديموسثينيس” من السياسي المشهور حينها “أسشينس” على انه كان ممثلاً مسرحياً من قبل ولشدة نجاحة في التمثيل اصبح من المنافقين السياسيين بجدارة، ومن يومها ظل ينظر للرجال السياسة علي انهم مجرد ممثلون مهره يمتهن معظمهم النفاق عن علم وعن جداره.
ولهذا السبب ينبذ كل المجتمعات تلك الصفة الخبيثة، وتحرمها الأديان، فتوخي الحذر في التعامل مع الأشخاص، لأنه ليس كل الأناس يظهرون ما في قلوبهم، وخذوا حذركم في التعامل مع الأطفال حتي لا يأخذوا تلك الصفة من موقف غير مقصود عن طريق الخطأ.