من المعروف أن الكلف هو نوع من التصبغات الجلدية التي تظهر على الوجه إما نتيجة تغير هرمونات الجسم أو التعرض المباشر لأشعة الشمس، فتبدأ البشرة بإفراز مادة الميلانين بشكل غير منتظم ما يؤدي لظهور هذه البقع، لكن أن تُصاب الشمس نفسها بالكلف فهذا غريب بالتأكيد! إذا نظرت لسطح الشمس عن طريق أحد التلسكوبات الفضائية ستلاحظ وجود أماكن داكنة وبقع واضحة على سطح الشمس، تُعرف هذه البقع باسم الكلف الشمسي! فكيف يحدث هذا الكلف؟ بالتأكيد توجد أسباب مختلفة تماماً عن تلك التي تسبب كلف البشرة، في هذا المقال سنلقي الضوء أكثر على البقع الشمسية وكيفية تكونها، وتاريخ اكتشافها أيضاً.
لماذا يظهر الكلف الشمسي وما المقصود بالبقع الشمسية ؟
ما هو الكلف الشمسي
يعرف الكلف الشمسي بأنه بعض البقع الداكنة التي تظهر على سطح الشمس من وقت لآخر، وتبدو كأنها مظلمة تماماً نتيجة لكونها أقل سطوعاً من المناطق المحيطة بها، لكن في الحقيقة هذه المناطق تشع ضوء وحرارة شديدة وإذا تمكنا جدلاً من النظر إليها بعيداً عن باقي سطح الشمس لبدت شديدة السطوع، يرجع الظلام الذي يغلف البقعة الشمسية إلى أنها أقل في درجة الحرارة حيث تتراوح درجة حرارتها بين 4000 درجة مئوية إلى 4500 درجة، بينما تصل حرارة الشمس عادة إلى 6000 درجة مئوية، تتميز هذه المناطق بكثافة المجال المغناطيسي ما يمنع الحرارة من الانتقال عن طريق الحمل، وتتكون عادة من منطقة مظلمة تماماً تسمى “الظل الكامل” وهالة محيطة بها ذات ضوء خافت تسمى “الظل المشع”، تظهر هذه البقع وتختفي في غضون عدة ساعات فقط، وقد يصل قطر الواحدة منها لآلاف الكيلو مترات التي تتجاوز قطر الأرض بعدة مرات.
تاريخ اكتشاف الكلف الشمسي
- أول تسجيل واضح للكلف الشمسي في التاريخ كان على يد عالم صيني في القرن 28 ق.م، حيث وصف وجود بقع غريبة مظلمة في سطح الشمس.
- لاحقاً أوضح العديد من علماء الفلك وجود مثل هذه البقع على سطح الشمس لكن ظلت دون تفسير علمي واضح، وظلت ظاهرة محيرة للعلماء.
- أول رصد لهذه البقع في وقت حديث نسبياً وبواسطة تلسكوب فضائي كان عام 1611م، لكن لم يكتشف أحد ماهيتها في ذلك الوقت.
- استغل العلماء البقع الشمسية في إثبات النشاط الشمسي المتواصل في غلاف الشمس، كما استغلوها في حساب سرعتها ومدة دورانها حول نفسها.
- وُجد أيضاً بعض التأثيرات للبقع الشمسية على مناخ الكرة الأرضية، فكلما زادت المساحة المغطاة بالكلف وكانت مواجهة للأرض، كلما قلت درجة الحرارة التي تصل إليها، كما توجد بعض التأثيرات المناخية التي تحدث على المدى الطويل.
كيفية تكون البقع الشمسية
- يتكون المجال المغناطيسي للشمس من عدة خطوط وأنابيب مغناطيسية تمتد عبر الماجما الموجودة داخل الشمس إلى السطح، تبلغ قوته عند خط الاستواء .3 وعند القطبين .7, يرجع ذلك لاختلاف سرعة دوران الشمس في منطقة الاستواء والقطبين، المسبب الرئيسي لإشعاع سطح الشمس الشديد هو انتقال الحرارة والضوء الناتج من التفاعلات الداخلية إلى السطح عن طريق الحمل والإشعاع.
- يُمكن القول أن أكثر التفسيرات المنطقية المقبولة لحدوث كلف الشمس تعتمد بشكل أساسي على المجال المغناطيسي، حيث تزداد قوته في بعض المناطق مكون خطوط وتشابكات تمنع الماجما الموجودة داخل الشمس من الصعود إلى الطبقة الخارجية، كما تمنع الحرارة والغازات الناتجة عن التفاعلات الداخلية من الصعود والمرور للسطح أيضاً بالتالي تصبح هذه المناطق أبرد من باقي أجزاء السطح فتظهر البقع الشمسية.
- يسبق ظهور الكلف الشمسي بعض البقع شديدة اللمعان على سطح الشمس والتي تُعرف باسم “الصياخد” أو “الشعلة الشمسية”، وهي مناطق شديدة اللمعان تم اكتشافها في القرن السابع عشر على يد العالم الألماني “كريستوفر شاينر”، تتكون البقع من سحب هيدروجينية تتواجد فوق سطح الشمس، يؤدي وجودها لوضوح الكلف الشمسي أكثر نتيجة لسطوعها الشديد.
دورة حدوث الكلف الشمسي
- لاحظ العلماء أن الكلف الشمسي يحدث عادة كل 10 أو 11 عشر عام بشكل واضح، فقد تمكنوا من رؤية بقع كثيفة جداً بأعداد هائلة في الأعوام 1937م، 1947م، 1958م.
- عادة لا تكون البقع ثابتة في مكان واحد بل تتحرك على سطح الشمس باستمرار، وقد رجح بعض العلماء أن تحركها يرجع لدوران الشمس لا أكثر، بناء عليه قام بحساب سرعتها ومدة دورانها.
- يصل متوسط البقعة الواحدة المنفصلة عادة إلى 960 كم، أما إذا كانت مجموعة بقع متصلة فقد يصل قطرها إلى 96 ألف كيلومتر، وفي عام 1947م تم رصد أكبر تجمع للكلف الشمسي بقطر يقارب 130 ألف كيلومتر.
فترة موندير
رغم أن جميع العلماء اتفقوا على حدوث البقع الشمسية كل 11 عاماً، إلى أن العالم البريطاني والتر موندير أثبت نظرياً أن الفترة التي تقع بين عام 1645م وعام 1715م لم يحدث بها أي بقع شمسية، وقد أثبت علماء الفلك صحة نظريته فيما بعد فأطلقوا على هذه الفترة اسم “فترة موندير”.