عيد شم النسيم أحد الأعياد المصرية المرتبطة بفصل الربيع، بل يُعتبر أقدم الأعياد المستمرة حتى اليوم ومحتفظة بتقاليدها وعاداتها دون تغيير يُذكر، رغم أنه يُقام حالياً لمجرد الترفيه أو كعادة توارثتها الأجيال، وليس احتفالاً بعودة الحياة للأرض مرة أخرى كما كان عند الفراعنة، يتم الاحتفال به بالخروج للمتنزهات والحدائق وقضاء اليوم في الهواء الطلق وتناول أطعمة خاصة مرتبطة به، في هذا المقال سنتعرف أكثر على عيد شم النسيم وتاريخه وكيف يحتفل به المصريون.
لماذا يحتفل المصريون بعيد شم النسيم وما تاريخه؟
تاريخ شم النسيم
- يعود تاريخ الاحتفال بشم النسيم إلى ما يقارب 5 آلاف عام مضت، أي إلى عهد الأسرة الفرعونية الثالثة، ويعتبر أقدم عيد غير ديني في العالم.
- يرجح بعض المؤرخين أن شم النسيم يعود لأقدم من ذلك حيث كان يتم الاحتفال به في هليوبوليس.
- كلمة شم النسيم هي تحريف لكلمة “شمو” في اللغة الهيروغليفية القديمة، والتي ارتبطت عند المصريين القدماء بتاريخ خلق الأرض، حيث كان قدماء المصريون يعتقدون أن شم النسيم هو أول أيام الزمان وبداية الخلق.
- بمرور الوقت تحورت كلمة “شمو” إلى كلمة شم، ثم شم النسيم نتيجة لارتباط فصل الربيع باعتدال الجو وتفتح الزهور.
احتفال المصريون القدماء بشم النسيم
- قديماً كان الاحتفال بشم النسيم يبدأ مع الاعتدال الربيعي في الحادي والعشرين من مارس، أي مع بداية فصل الربيع، اعتاد المصريون القدماء أن يجتمعوا كل عام في هذا اليوم عند الهرم الأكبر لمشاهدة غروب الشمس، وتربعها على قمة الهرم في منظر مهيب يتكرر إلى يومنا هذا.
- فبسبب تعامد الشمس على خط الاستواء تميل بالتدريج عند غروبها حتى تتربع قبل الغروب بدقائق عند قمة الهرم الأكبر، بعد ذلك يبدأ شعاع الشمس في اختراق الهرم تدريجياً حتى يبدو أنه يقسمه لشطرين متساووين.
- يستمر الانقسام حتى غروب الشمس حيث تسقط أشعة الشمس على الجانب الجنوبي للهرم فيبدو وكأنه هرمين متطابقين، ومازالت هذه الظاهرة تحدث حتى اليوم مع كل اعتدال ربيعي فيبدو كأن الهرم ينشطر قبل غروبها في السادسة مساء الحادي والعشرين من مارس.
عيد شم النسيم في الوقت الحالي
- شم النسيم حالياً لم يعد مرتبط بالتواجد عند الهرم الأكبر أو مشاهدة الغروب وانشطار القمر، حتى أن الاحتفال به لم يعد يتم في بداية الربيع، بل أصبح في العشرين من ابريل كل عام.
- الاحتفال حالياً أصبح مهرجان شعبي يخرج فيه جميع أطياف الشعب للحدائق والمتنزهات والشواطئ، والاستمتاع بجمال الطبيعة وروعتها واعتدال الجو وهبوب النسيم العليل، بالإضافة لتناول أطعمة شم النسيم الخاصة، والتي تم توارثها منذ عهد الفراعنة ولم تتغير حتى اليوم، فقد ارتبط بها شم النسيم ارتباطاً وثيقاً.
أطعمة شم النسيم الخاصة
ارتبط شم النسيم منذ عهد الفراعنة ببعض الأطعمة التي كان لها مدلول خاص عند المصريون القدماء، فكل طعام كان يرمز لهدف معين كما يلي:
-
البيض الملون
رمز استخدام البيض عند قدماء المصرين لخلق الحياة وانبعاثها من بين الجماد، فكانوا ينقشون أمنياتهم ودعواتهم عليه ثم يضعونه في سلال مصنوعة من السعف في الشرفات، كي يتبارك بنور الإله (الشمس) عند شروقه ويحقق لهم ما يرغبون، أما اليوم فقد تطور نقش الأمنيات لمجرد رسوم وألوان وزخارف زاهية.
-
الفسيخ
من أشهر الأكلات المصرية التي تمتد لعهد الفراعنة، وهو عبارة عن سمك البوري الذي يتم تمليحه وحفظه بعناية فائقة، شاع استخدامه في عهد الأسرة الخامسة كوسيلة لتقديس نهر النيل وعطاياه، أما اليوم فهو يؤكل مع سمك الرنجة المدخن كتقليد ورمز لهذا العيد ولا يُمكن الاستغناء عنه.
-
البصل الأخضر
البصل الأخضر معروف بفوائده العظيمة للجسم وقدرته على تقوية جهاز المناعة، فكان يرمز عند قدماء المصرين للتمسك بالحياة وهزم الأمراض وعدم الاستسلام للموت، وكانوا يعلقونه في الشرفات وحول رقابهم وتحت وسائدهم بالإضافة لأكله.
-
الخس والملانة
كان الخس أحد النباتات المقدسة عند المصريين القدماء وكان رمزاً لإله الخصوبة، فكانوا يدعون أن له قدرة على زيادة القدرة الجنسية، وهذا ما تم إثباته بالفعل خاصة زيت الخس لاحتوائه على فيتامين هـ بكثرة، أما الملانة أو نبات الحمص الأخضر فقد كان دلالة على قدوم فصل الربيع، فأمتلاء الثمرة كان يعني أن الربيع قد حل.
شم النسيم في الديانات الأخرى
-
عيد الفصح
يتزامن عيد الفصح مع عيد شم النسيم عند المصريين، فقد اختار اليهود هذا اليوم ليكون بداية السنة العبرية، وكلمة الفصح تعني العبور أو الخروج، وهي نسبة لهروبهم من مصر حاملين معهم ما سرقوه من المصريين من ذهب وفضة، ويُذكر في كتبهم أنهم اختاروا هذا اليوم للهروب كي لا يشعر المصريين بهم لانشغالهم بالعيد والاحتفال.
-
عيد القيامة
يرتبط عيد القيامة بالصوم عند المسيحيين، فالتقليد المتبع هو صومهم 55 يوماً عن كل ما به روح من منتجات حيوانية وحتى الأسماك، وبعد دخولهم مصر كان عيد شم النسيم يتزامن مع صيام المسيحيين، بالتالي لا يستطيعون الاحتفال به بسبب عدم قدرتهم على تناول الفسيخ، فتم تأجيل شم النسيم لبعد عيد القيامة مباشرة في شهر إبريل، ومازال هذا التقليد متبع حتى اليوم.
-
شم النسيم ودخول الإسلام
عندما دخل الإسلام مصر لم يتم إلغاء شم النسيم أو أي من طقوس الاحتفال به، بل ظلت كما هي حتى اليوم بنفس الطقوس والعادات دون أدنى تغيير يُذكر.