الحج هو أحد الشعائر الدينية الإسلامية، فهو الركن الخامس من أركان الإسلام وفرض على كل مسلم قادر على أدائه، فتسجل الإحصائيات كل عام توافد ملايين الحجاج للأراضي المقدسة لأداء هذه الفريضة العظيمة، لكن كيف فرض الحج وعلى من؟ وكيف يؤدي المسلمون مناسكه؟
لماذا فرض الحج على المسلمين ؟
تاريخ فريضة الحج
الحج أحد الفرائض الإسلامية التي يعود تاريخها لعهد خليل الله إبراهيم عليه السلام، وقد بدأت أحداث هذه الفريضة عندما رُزق إبراهيم عليه السلام بابنه نبي الله إسماعيل من السيدة هاجر، حينها شعرت السيدة سارة بالغيرة أنها لم تستطع إن تنجب لإبراهيم ما أراد من ذرية، حينها شكا إبراهيم عليه السلام لربه فأمره أن يأخذ زوجته هاجر وولده إسماعيل إلى بقعة تدعي مكة، حينها كانت مكة صحراء لا زرع فيها ولا ماء ولا يعيش فيها أي إنسان، اصطحبهم إبراهيم عليه السلام إلى حيث أمره الله ثم عاد إلى زوجته سارة.
لم تكن السيدة هاجر تحمل معها من الزاد أو الماء شيئاً لا لها ولا لصغيرها، فلما جاع إسماعيل عليه السلام كان لابد لها أن تبحث عن الماء والطعام، فصعدت السيدة هاجر جبل الصفا علها ترى ماء أو طعام في مكان قريب، فلما اعتلته رأت السراب عند جبل المروة فظنته ماء فهرعت إليها لكنها لم تجد شيئاً، ثم نظرت ناحية جبل الصفا فخيل لها السراب ماء مرة أخرى فذهبت إليه مسرعة لكن لم تجد شيئاً أيضاً، كررت الأمر سبع مرات حتى نظرت في الشوط السابع لأقدام إسماعيل عليه السلام فوجدت الماء يتدفق من تحتها فذهبت إليه مسرعة وأخذت تحيط بالماء حتى لا يضيع هباءً.
لاحظت أحد القبائل المقيمة في منطقة قريبة منهم وتدعى قبيلة جرهم وجود الكثير من الطير في هذه المنطقة التي عرف عنها افتقارها للماء والطعام فتعجبوا من ذلك وذهبوا إلى هناك حتى يستكشفوا الأمر، فلما وجودوا السيدة هاجر وعرفوا منها ما حدث استأذنوا في البقاء بجوارهم فسمحت لهم السيدة هاجر بعدما استأذنت إبراهيم عليه السلام وبدءوا تعمير مكة رويداً رويداً، هكذا عاشت السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليه السلام حتى بلغ إسماعيل مبلغ الشباب.
حينها أمر الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة المشرفة بعد أن نزل جبريل عليه السلام من السماء وخطط لهما مكان البيت وأنزل قواعد البيت الحرام من السماء، فقام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة ووضع الحجر الأسود في مكانه، فلما كان الثامن من ذي الحجة نزل جبريل عليهما وأمرهما بالارتواء من الماء وذلك لعدم وجوده في منى وعرفات لذلك أطلق على هذا اليوم يوم التروية.
هكذا استمر الناس في الذهاب للكعبة وإقامة مناسك الحج كل عام حتى عصر الجاهلية حيث انتشرت عبادة الأصنام بين العرب وأصبحت الكعبة مزاراً للكفار وعبدة الأصنام بعد أن أقاموا حولها أصنامهم.
أستمر الأمر هكذا حتى السنة التاسعة بعد الهجرة حيث فرض الله الحج على المسلمين وتم هدم الأصنام المقامة حول الكعبة وأمر المسلمين بالعودة لإقامة مناسك الحج التي أقامها إبراهيم منذ تم بناء الكعبة.
مواقيت الإحرام
وهي الأماكن التي يتوجب على الحاج أو المعتمر الإحرام فيها حتى يبدأ في مناسك الحج وهي عدة مواقيت يمكن للحاج أن يحرم في أي منها كالتالي:
-
ميقات ذو الحليفة
أو أبار علي كما تسمي الآن ويعد هذا الميقات الأبعد من حيث المسافة عن مكة، هو ميقات أهل المدينة وأي حاج يمر به من غير أهلها.
-
ميقات الجحفة
أو ما يسمى الآن بميقات برابغ وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب العربي وكل من مر به أيضاً.
-
ميقات قرن المنازل
أو السيل الكبير وهو ميقات أهل نجد والخليج العربي عموماً وكل من مر به يمكنه الإحرام منه.
-
ميقات يلملم
وهو ميقات أهل اليمن وكل حاج يمر به.
-
ميقات ذات العرق
وهو الميقات الذي حدده عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون ميقات أهل العراق وكل من مر به.
-
ميقات أهل مكة
أهل مكة يحرمون من ديارهم في الحج فقط أما في العمرة فعليهم الإحرام من التنعيم أو عرفة.
مناسك الحج
يطول الحديث في مناسك الحج لما لها من دقة وأحكام خاصة بكل منسك لذلك سأذكرها إجمالاً على أن أفرد لها مقالاً خاصاً.
فالحج يبدأ في الثامن من ذي الحجة كل عام حيث يتوجب على الحجيج الذهاب لمواقيت الحج والبدء في الإحرام، ثم يذهب بعد ذلك لمدينة مكة فيؤدي طواف القدوم، بعد ذلك يذهب الحاج لمنى حتى يقضي يوم التروية ثم يتوجه بعد ذلك لرمي الجمرات عند الجمرة الكبرى، بعد ذلك يأتي طواف الإفاضة في مكة مرة أخرى، ثم يذهب مرة أخرى إلى منى لقضاء ما يسمي بأيام التشريق، ثم يتوجه إلى مكة للمرة الثالثة ليؤدي طواف الوداع ثم يتحرر من إحرامه ويعود لوطنه.
أنواع نسك الحج
توجد ثلاثة أنواع لنسك الحج على الشخص الحاج إتباع أحداها هي كالتالي:
-
حج التمتع
فيه ينوي الحاج أن يجمع بين الحج والعمرة في الميقات الزمني للحج، فيأتي من بلده ويحم في الميقات ثم يتوجه للحرم المكي لأداء مناسك العمرة كاملة، بعد ذلك يتحرر من إحرامه لكن لا يغادر أراضي المملكة ولا يعود لوطنه، بعد دخول أيام الحج يقوم الحاج بالتوجه للميقات مرة أخرى والإحرام ثم أداء مناسك الحج كاملة، يشترط لحج التمتع أن يكون في عام واحد وسفر واحد.
-
حج القران
فيه يأتي الحاج لمواقيت الإحرام وفي نيته أداء حج وعمرة بإحرام واحد، فلا يتحلل من إحرامه إلا بعد أداء مناسكهما، بعد الإحرام يذهب الحاج للحرم المكي فيؤدي طواف القدوم ويبقى على إحرامه إلى أن تحين مناسك الحج فيؤديها كاملة، ولا يجب عليه أن يعيد طوافه وسعيه مرة أخرى عند العمرة كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال للسيدة عائشة ” طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك”.
-
حج الإفراد
فيه يذهب الحاج لميقات الإحرام بنية الحج فقط فيحرم ويدي كافة مناسك الحج كاملة، فإذا أراد أداء عمرة خرج من الحرم المكي وتوجه للميقات مرة أخرى فيحرم بنية عمرة ويعود فيؤدي مناسكها كاملة.
على من يجب الحج
الحج هو الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي فرض على المسلم مرة واحدة فقط طوال حياته، فهو فرض عين يجب على كل مسلم بالغ عاقل تتوفر لديه القدرة المادية بعد أداء ديونه ومستحقات الغير لديه، فلا يجوز للمسلم أن يقترض من أحد أو من بنك حتى يؤدي هذه الفريضة بل يجب أن يكون المال ملك له أو هبة من أحد أبنائه أو أقاربه فلا يلتزم برده، فإذا لم يستطع أن يؤمن نفقات الحج لضيق يده سقطت عنه الفريضة حتى يشاء الله فتتوافر له النقود، كذلك يشترط أن تكون النقود من مصدر مشروع ومحلل حتى تقبل منه، فلا يجوز أن يحصل على المال من تجارة المخدرات أو غيرها من الطرق المحرمة.
فضل الحج
الحج من أفضل وأعظم المناسك الإسلامية، فهو ينقي الإنسان من ذنوبه فيعود كما ولدته أمه كما ورد في العديد من أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم كما يلي:
- ” تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة” رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما في سنن الترمذي.
- ” من حج، فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه” رواه أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري.
- ” العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” رواه أبي هريرة في صحيح البخاري.