توافر الغذاء والطعام الجيد هو حق طبيعي لأي كائن حي سواء كان إنسان أو حيوان أو حتى نبات! فهو أحد الهبات التي منحنا الله إياها ولا يحق لأي شخص أن يمنعها أو يتحكم فيها، لكن وكالعادة المفروض في عالمنا يكون أبعد ما يكون عن الواقع الإنساني، إذا ألقينا نظرة فاحصة على بلدان العالم خاصة العالم الثالث نجد نصف سكانها إن لم يكن أكثر يعيشون تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم، هذا بالإضافة لانتشار المجاعات والأوبئة في معظم الدول الفقيرة، لكن ما هي أسباب حدوث المجاعات؟ وهل للإنسان دخل فيها أم أنها تحدث لأسباب طبيعية وجغرافية؟!
لماذا تحدث المجاعات وما الآثار المترتبة عليها؟!
تعريف المجاعة
تعرف المجاعة على أنها نقص شديد في الموارد الغذائية نتيجة حدوث خلل في أحد الظروف أو العوامل التي تُنتج الغذاء، ويؤدي ذلك إلى انتشار المجاعات وما يترتب عليها من موت وانتشار للأوبئة والأمراض، تنتقل هذه المجاعات من مكان لآخر كل عدة أعوام نتيجة تغير الظروف المناخية ما يضع الكثير من البلدان النامية في خطر شديد خاصة أن معظم سكانها يعانون من سوء في التغذية نتيجة قلة الموارد الغذائية.
أسباب حدوث المجاعات
-
الجفاف
هو أحد أكثر الأسباب الطبيعية المسببة للمجاعات انتشاراً، خاصة في قارتي إفريقيا وأسيا، وذلك بسبب اتساع النطاق الصحراوي بهذه القارات الأمر الذي يؤدي لندرة سقوط الأمطار وبالتالي لا يستطيع سكانها زراعة محاصيلهم الغذائية خاصة في غياب أساليب الري الحديثة، فيتضرر اقتصادها بشدة ويدفع مواطنوها الثمن!
أكبر مثال على ذلك مجاعة هضبة الدكن التي قضت على ما يقرب من خمسة ملايين مواطن هندي، هذا بالإضافة للمجاعات المنتشرة في الجزء الجنوبي لقارة إفريقيا والتي تعتبر السبب الرئيسي لموت ملايين الإفريقيين في الصومال وإثيوبيا وكينيا والنيجر وغيرها. -
حدوث الفيضانات
على النقيض من السبب السابق، قد يتسبب هطول المطر بمعدلات كبيرة لحدوث المجاعات والكوارث البيئية، وذلك في حالة حدوث سيول وفيضان الأنهار، حيث تسبب المياه المنجرفة في دمار الكثير من القرى والمدن والقضاء على الأراضي الزراعية وتدمير المحاصيل وبالتالي يحدث نقص شديد في الموارد الغذائية المتاحة، على سبيل المثال، المجاعة التي حدثت في قارة أوربا أثناء القرن الرابع عشر حيث استمر هطول المطر لأكثر من عام! أما في عام 1929 فقد حدثت مجاعة في الصين أودت بحياة ما يقرب من مليوني شخص بعد فيضان نهر هوانج.
-
انتشار الآفات الزراعية
انتشار الأمراض بين المحاصيل الزراعية قد تقضي على المحصول تماماً وبالتالي تؤدي لحدوث مجاعات شديدة، مثال علي ذلك ما حدث في أيرلندا بعدما تلف محصول البطاطس بالكامل في منتصف القرن التاسع عشر ما أدى لانخفاض عدد سكانها بشكل ملحوظ جداً نتيجة الموت أو الهجرة هرباً من الفقر والمجاعة، قد تتسبب بعض الحشرات أيضاً في تدمير المحاصيل الزراعية خاصة الجراد، كما حدث في منطقة الساحل الإفريقية أبان نهاية القرن العشرين.
-
الزيادة السكانية
أحد أسباب انتشار المجاعات والفقر في الدول النامية هو الزيادة المطردة في عدد السكان دون أن يقابلها زيادة مماثلة في معدل النمو الاقتصادي، فقد شبه بعض الخبراء سرعة النمو السكاني بسرعة الأرنب والنمو الاقتصادي بسرعة السلحفاة لإيضاح الفرق، تتزايد خطورة هذا العامل في غياب التخطيط الإداري لاستغلال الموارد المتاحة بالإضافة لبدائية الأساليب المستخدمة في نقل وتخزين الغذاء بالتالي تتلف معظم المحاصيل ما يؤدي لتفاقم المشكلة.
-
الحروب
تعتبر الحروب وخاصة الحروب الأهلية من أخطر العوامل البشرية المسببة للمجاعات، فغالباً ما تمنع القوات المتحاربة وصول الإغاثات للمنكوبين كما حدث أثناء ستينيات القرن الماضي في الحرب الأهلية النيجرية حيث أعاقت القوات المتحاربة جهود فرق الإغاثة ونتج عن ذلك مجاعة أودت بحياة أكثر من مليون شخص.
الآثار المترتبة على حدوث المجاعات
يترتب على حدوث المجاعات الكثير من الكوارث الإنسانية والآثار المدمرة كما يلي:
-
انتشار الموت الجماعي
أول النتائج المباشرة لأي مجاعة هو موت المتضررين بأعداد كبيرة جداً، وذلك بسبب نقص الغذاء وبالتالي الإصابة بالهزال والضعف العام ومن ثم الموت، أما من ينجو منهم فيعيش بإصابات وأمراض عقلية وبدنية خاصة الأطفال الصغار وذلك بسبب عدم توافر المعادن والفيتامينات اللازمة لنموهم بشكل سليم.
-
انتشار الأوبئة والأمراض
كنتيجة لحالات الموت الجماعي وغياب الرعاية الصحية اللازمة بالإضافة لضعف الجهاز المناعي لدى الضحايا المنكوبين تنتشر العديد من الأمراض الوبائية مثل الكوليرا والتيفوس والملاريا وغيرها.
-
هلاك الثروة الحيوانية
نتيجة لعدم توافر الغذاء المناسب للمواشي وجفاف الأراضي تلقى أعداد غفيرة من الماشية حتفها ما يؤدي لتزايد الأزمة ونقص الغذاء أكثر، غير أنها تساعد على انتشار الأوبئة المختلفة بسبب تحلل جثث الحيوانات النافقة.
-
انتشار الجريمة بمعدلات كبيرة
عندما يشعر الإنسان باقتراب أجله فإنه يفعل كل ما في وسعه للبقاء على قيد الحياة متبعاً غرائزه، لذلك ترتفع معدلات السرقة والنهب وحتى القتل أثناء المجاعات فقط للحصول على الطعام بأي وسيلة كانت.
-
الهجرة الجماعية
تؤدي المجاعات لنزوح ملايين الأشخاص تاركين بيوتهم وأماكن عيشهم والتوجه لمعسكرات اللاجئين أو الهجرة لأحد البلدان المجاورة ما يسبب أضرار اقتصادية شديدة لهذه الأماكن نتيجة إرغامها على توفير الطعام والرعاية الصحية لهؤلاء النازحين.
جهود مواجهة المجاعات
أغلب المجاعات لا يمكن التحكم فيها أو منعها وذلك لصعوبة التنبؤ بالظروف الطبيعية، لذلك تقتصر الجهود الدولية على توفير المساعدات الغذائية والطبية العاجلة للمنكوبين، تلعب المم المتحدة دوراً رئيسياً في هذا الجانب، بالإضافة لانتشار مجهودات تدعو لتنظيم النسل والارتقاء بالأساليب الزراعية حتى تتمكن الدول من توفير فائض غذائي يكفي لسد حاجة السكان في حال حدوث مجاعة.