الضفادع السامة هي إحدى الكائنات المندرجة من طائفة البرمئيات وشعبة الحبليات، وهي مثل كافة أنواع الضفادع المختلفة في مراحلة نموها المختلفة تعتمد على النبات كغذاء، وبمجرد وصولها مرحلة البلوغ والنمو المكتمل تتحول لكائن مفترس، أي تتمثل مصادر غذائها الرئيسي في الديدان الحلقية والحشرات من مفصليات القدم، وتصير هي نفسها غذاء بالنسبة لبعض الحيوانات المفترسة الأخرى، لكن ليس كل الضفادع غذاءً مستساغاً للضواري فـ الضفادع السامة تحمل الموت لمن يحاول افتراسها..
الضفادع السامة ووسائل الدفاع :
الضفادع السامة كسائر المخلوقات المنحدرة من رتبة عديمات الذيل، فابناء هذه الرتبة تمتاز بالأجساد الضئيلة والقوة الجسدية الضعيفة، ورغم أنها لا تملك أنياباً أو مخالباً إلا أنها تشكل خطراً بالغاً على أقوى الحيوانات، إذ أنها تعتمد على السم الكامن أسفل جلودها كإحد الوسائل الدفاعية لها، وهو عادة يكون مركز بالدرجة التي تسمح بإنهاء حياة أضخم المخلوقات في دقائق.. فترى ما الذي يفرق الضفادع السامة عن أنواع الضفادع الأخرى؟ وما أنواعها وكيف تستخدم هذه القدرة التي حباها بها الله؟
ألوان الضفادع السامة :
لعل السؤال الأكثر منطقية هنا هو كيف توفر الطبيعة السامة الحماية للضفادع؟ فحتى إن مات مفترسها بسبب سُميتها فهي ستكون قد التهمت بالفعل؟.. تناول علماء الطبيعة هذا الأمر بالبحث والدراسة، ووجدوا أن الضفادع السامة تتميز عن سائر أنواع الضفادع الأخرى بألوانها، فتلك الضفادع تمتلك من ألوان متعددة وزاهية، مما يمثل علامة مميزة تدل على مدى سُميتها وبالتالي يدرك المفترس أن التهامه إياها سيقوده إلى حتفه، مما يعني أن الحماية الحقيقية لـ الضفادع السامة تكمن في ألوانها أكثر منها في مُعدل سُميتها، ومن الأمور الطريفة التي تبرهن على صدق هذه المعلومة، هو أن الضفادع التي لديها قدرة على تبديل هيئة لونها، تتخذ ألوان الضفادع السامة أحياناً كنوع من التمويه لصرف المفترسين عنها.
جلد الضفادع السامة :
جلود الضفادع تمثل ضرورة قصوى بالنسبة لها ولدورة حياتها، حيث أن الطبقة الجلدية الرقيقة دائمة الرطوبة التي تكسو أجسامها تستخدم في التنفس، حيث أن الضفادع رغم أنها من الحيوانات الفقارية إلا أنها لا تملك عظاماً بمنطقة الصدر، وبالتالي ليس هناك ما يدعم رئتيها فتعتمد في تنفسها على جلدها الذي ينفذ من خلاله غاز الأكسجين، ومن ثم ينتقل إلى رئتيها ومنها يتم إمداد مختلف أعضاء وأجزاء الجسم به، وكذلك من خلاله يتم طرد غاز ثاني أكسيد الكربون في عملية التبادل الغازي، و الضفادع السامة تتشارك هذه الخصائص مع مختلف أنواع الضفادع الأخرى، علاوة على أن الطبيعة النفاذة لتلك الجلود هي ما تمكنها من إفراز سمومها من خلاله عند تعرضها للخطر.
كيفية إفراز السُم :
الضفادع السامة تتميز بتوفر عدد كبير من الغدد السامة أسفل جلدها، وعند شعور هذه الضفادع بالخطر فإنها تضغط غددها تلك، وبعد ذلك تعمل على دفع سمومها عبر قنوات أسفل سطح الجلد، الذي بطبيعته يحتوي عدد لا نهائي من المسام النفاذة، وبناء فأن السم ينفذ من خلالها ويصيب الحيوانات الضارية أو الطيور الجارحة التي تحاول التغذي على عليها، وتتمركز هذه الغدد السامة بكثرة بمواضع محددة من جسم الضفدع، فهي تتواجد بكثرة عند قمة الرأس وبامتداد المنطقة الرابطة بين الكتفين، وبعض العلاجم الصغيرة يكون موضع هذه الغدد بها بجانب الرأس خلف العينين، وهذه الخواص تمنح الضفادع السامة فرصة النجاة حتى في حالة الإمساك بها، فبمجرد ضخ سمومها داخل فك الكائن المفترس يصاب بالتهيج والتشنج، ويستسلم رغم قوته أمام تلك الكائنات الصغيرة فيُطلق سراحها مجدداً اتقاءً لسمومها..
هل افتراسها مستحيل ؟
مع ما تم ذكر تبدو الضفادع السامة حيوانات خارقة للعادة ومُحصنة بنسبة 100%، إلا أنه لا يوجد من هو مُحصن في حياة البرية، فرغم أن تلك السموم توفر حماية فائقة لتلك الضفادع وتحميها من أن تكون غذاء لكافة الحيوانات اللاحمة، إلا أن هناك مخلوقات خارقة للعادة وتمتلك من مضادات السموم ما يقيها من تأثير هذه الضفادع، وأشهر هذه المخلوقات بعض أنواع الثعابين التي بمقدورها التغذي على الضفدع الذهبي السام، والذي يعد من أشهر وأقوى أنواع الضفادع السامة
التكوين الجسماني :
الضفادع السامة لا تختلف في تكوينها الجسماني اختلافاً كبيراً عن مختلف الضفادع وعديمات الذيل الأخرى، إلا أن نموها بطيء والبالغ منها لا يضاهي حتى الأنواع الأخرى حجماً، إذ أن الضفدع السام بشكل عام على اختلاف أنواعه وأشكاله أقصى طول يمكن أن ينمو إليه، يتراوح ما بين 2 سم إلى 5 سم فقط، وهو ما يجعله ضئيل الحجم جداً مقارنة بباقية الأنواع الأخرى من المنتمين لجنسه، أما عن قدرة هذه الضفادع السامة على القفز فهي لا تكون لمسافات كبيرة مقارنة بغيرها، إذ أن أقصى طول سجله العلماء لقفز هذه الأنواع من الضفادع تراوح ما بين 10سم إلى 20 سم كحد أقصى.
الضفادع السامة لا تسبح :
السباحة من الاختلافات الجذرية التي تميز الضفادع السامة عن غيرها، فالضفادع بكافة أنواعها تعرف بأنها سباحة ماهرة، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للأنواع السامة منها، فقوائمها القصيرة نسبياً التي تعوق قفزها لمسافات بعيدة، هي ذاتها التي تمنعها من أن تسبح بالسرعة ذاتها التي تسبح بها الضفادع الأخرى.
استخدام سمها :
ككل شيء على وجه الأرض يحمل في طياته وجهي الخير والشر، وكعادة الجنس البشري استغلوا موارد الطبيعة في كلا الجانبين، وقد انطبق هذا الأمر أيضاً على الضفادع السامة ،ومن أمثلة المجالات الخيرة والمدمرة التي استغل فيها البشر سموم الضفادع :
الحروب : في الماضي أدرك الهنود الحمر خطورة الضفادع السامة ،ومن ثم حرصوا على اصطيادها ووضع سمومها على رؤوس سهامهم ورماحهم، وذلك جعل منها سلاحاً فتاكاً بخصومهم حيث أن مجرد خدشهم بنصله يقودهم إلى موتهم.
العلاج : هناك قاعدة علمية شائعة تقول بأن المظهر والجوهر لا يتفقان دوماً، ومن هذا المنطلق بدأت دراسة العلماء لخصائص وتركيب هذه المادة السامة، وجدت أن خصائصها تتيح إمكانية استخدامها في بعض الصناعات العلاجية!، بل أن المؤشرات الأولية لهذه الأبحاث تشير إلى أن الضفادع السامة قد تفتح الباب أمام إيجاد حلول لبعض الأمراض المزمنة، حيث أن استخلاصات سمومها أثبتت فاعلية فائقة كعامل مضاد لفيروس الإيدز.
أنواع الضفادع السامة :
يوجد أكثر من نوع من الضفادع السامة ،لكن في النهاية يبقى عددها محدود جداً مقارنة بفصائل الضفادع الأخرى، وجميعها تتميز بألوانها الزاهية والبراقة حتى أن أغلبها اكتسب مسماه من تلك الألوان، ومن أمثلة الضفادع السامة :
الضفدع الأزرق : يتميز هذا الضفدع بلونه الأزرق الوهاج المزركش ببقع سوداء، ويلغ وزنه حوالي ثلاثة جرامات فقط، ويتمركز هذا النوع من الضفادع السامة على ضفاف الأنهار والبحيرات، ويتخذ من النمل غذاءً له بجانب العناكب الصغيرة وذباب الفاكهة.
الضفدع الذهبي : من بين أنواع الضفادع السامة يعد الضفدع الذهبي هو الأخطر، وهو يتخذ من الغابات المطيرة موطناً له بجانب انتشاره بجانب المحيط الهاديء، وهذا النوع يتميز أيضاً بحجمه الضئيل إذ أن طول البالغ منه يبلغ حوالي 55مم تقريباً.
ضفدع الفراولة : هذا الضفدع من الضفادع السامة يكتسب مسماه من لونه وشكله، إذ أن حجمه غاية في الصغر بجانب أنه مميز بلون أحمر فاقع، والنقاط السوداء الدقيقة التي تنتشر على مسطح جسده تجعله أشبه بثمرة الفراولة الصغيرة.