مما لا شك فيه أن أفضل اكتشاف اهتدى إليه الإنسان في يوم من الأيام هو أكل لحوم الحيوانات، تخيلوا يا سادة أنها غير موجودة في طعامنا، كيف إذًا ستكون حياتنا؟ هل كنا سنكتفي فقط بالخضروات والفواكه؟ بالتأكيد لا، لكن حكمة الله ورحمته بعباده جعلت لنا لحوم الحيوانات التي نأكل ونستلذ منها، لكن هناك البعض من آكلي اللحوم يُفضلون نوعًا من الأنواع ولا يُفضلون الآخر لأسباب كثيرة نجد أن بعضًا منها مُثير للحيرة والغرابة، عمومًا، مهما كان النوع الذي نأكله تبقى كل اللحوم رائعة المذاق، وإن كانت تلك الروعة تتفاوت من شخص إلى آخر بكل تأكيد، ولذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على الأسباب التي قد تجعل شخص يأكل نوع معين من لحوم الحيوانات ولا يُقدم على نوع آخر على الرغم من أن النوع الآخر قد يكون الأفضل في المذاق والشكل، ولتكن أولى أسبابنا في الإجابة على هذا السؤال تلك التي تتعلق بالدين، فهو المانع الأول لأكل بعض اللحوم وإجازة البعض الآخر.
وجود عائق ديني يمنع من أكلها
السبب الأول الذي قد يجعل شخص يمتنع عن أكل لحوم الحيوانات أو بعض أنواعها على سبيل التحديد هو سبب ديني بحت، فالناس بالطبع يعشقون اللحم بفطرتهم، لكن عندما يكون هناك نص سماوي يُحرم ذلك اللحم فلا يوجد أدنى تفكير في هذا الأمر، حيث سيبدو وكأنه شبه منتهى منه، فبالتأكيد الدين هو السلطة الأولى في هذا العالم، فهما كانت ديانة الإنسان فإنه سيتوقف كثيرًا عند مخالفته لهذه الديانة، حتى ولو كانت تلك المخالفة تتعلق بشيء حيوي مثل أكل بعض أنواع الطعام وترك البعض الآخر وتجنبه تجنبًا تامًا.
في عقيدة الإسلام مثلًا، وهي الأصح بكل تأكيد، نجد أنه ثمة تحريم تام بنص سماوي لأكل لحوم الخنزير، هذا على الرغم من أن أغلب دول أوروبا لا تأكل أصلًا إلا لحم الخنزير، لكن عندما يجد المسلمون دينهم يأمرهم بتجنب تلك اللحوم فبالطبع هم يمتثلون، حتى ولو كان أغلبهم لا يعرف الغاية أو السبب خلف التحريم، ففي النهاية ما دام الأمر قد صدر من قِبل الله فهو واجب النفاذ، وكذلك الحال في الديانات الأخرى التي تحرم أنواع أخرى من اللحوم في أوقات معينة.
وجود بعض الأنواع المُضرة
طبعًا بعد الدين يُمكن أن يتوقف الإنسان عن أكل بعض لحوم الحيوانات لأسباب أخرى لا تبدو بسيطة أبدًا، الصحة على سبيل المثال، فمن المعروف عن أي مخلوق أنه يخاف على صحته أكثر من أي شيء آخر، لذلك فإنه عندما يتعلق الأمر بصحته وتُصبح لحوم الحيوانات التي يُريد أكلها مُضرة فإنه على الفور يتوقف عن أكلها، فهو يأكل أصلًا ليعيش، الحياة بالنسبة له هبة عظيمة، وإذا كان ثمة ما سيسلب منه هذه الهِبة فبالتأكيد لن يتوانى لحظة واحدة قبل أن يتخلص منه، ثم إننا نتحدث عن بعض أنواع اللحوم وليس كلها، وهذا ما سيجعل الأمر سهلًا عليه بعض الشيء.
أنواع اللحوم المُضرة لا تكون بالضرورة واحدة، بمعنى أدق، هناك بعض البشر يتأذون من نوع معين، بينما البعض الآخر لا يُصيبه أي شيء عند تناولها، ولهذا فإن من سيتوقف عن تناول هذه الأنواع هم المصابون فقط، كما يُمكن كذلك أن يكون الضرر وقتي، بمعنى أدق، من الوارد جدًا أن يضرب فيروس معين قطيع مُعين من الحيوانات، وفي هذه الحالة يُصبح المُضر أكله هو تلك الأنواع فقط دون غيرها حتى ينقضي ذلك الفيروس، على كلٍ، يبقى الضرر سببًا قويًا من أسباب الانقطاع عن أكل بعض الأشياء والبدء في أكل أشياء أخرى.
وجود بعض الأنواع المُقززة
ثمة سبب آخر قد يجعل البعض ينفرون عن بعض أنواع لحوم الحيوانات، وهذا السبب في الحقيقة لا يتعلق باللحم فقط أو الشخص الذي يتناوله فقط، وإنما بكلاهما معًا، ولتوضيح ذلك يُمكننا تخيل شخص يعشق نوع اللحوم من البقر أو الجاموس، بينما ذلك الهندي يرى أن تلك البقرة من المقزز جدًا التفكير حتى في أكلها، وكذلك حيوان الحمار، والذي يتفق العالم كله تقريبًا على كون لحمه غير داعي أبدًا للأكل، بل يُمكن القول إنه داعي أكثر للتقزز والقرف، والسؤال، هل رأيتم أحد من قبل يأكل لحم الحمار أو يُفكر حتى في أكله؟ بالطبع لا، طيب هل هو محرم في كل الشرائع؟ بالطبع لا أيضًا.
الأنواع المقززة من لحوم الحيوانات قد لا تكون كما ذكرنا لعيب في اللحم نفسه، بل الشخص، فمن الوارد جدًا أن نجد شخص يتقزز من لحوم الجمال، هذا على الرغم من أنها تُعتبر النوع الأكثر انتشارًا في العالم، لكن الأمر كما أوضحنا لا يتعلق باللحم، وإنما ذلك الشخص وما يُحبه ويكرهه، وغالبًا ما تكون نسبة الأشخاص من هذه النوعية قليلة جدًا، حيث أنه ثمة أنواع من اللحوم لا اختلاف على أكلها من الناس، اللهم إلا حالات نادرة جدًا.
عدم وجود اللحوم أصلًا في بعض الأنواع
إذا ما سألت عن أكثر أنواع لحوم الحيوانات من حيث الأكل فستجد أن الإبل والبقر والجاموس هي المراتب الأولى، وبعد ذلك بكثير يأتي بقية الأنواع، وكذلك من بين الأنواع التي يأكلها البعض ولا يأكلها البعض الآخر الأرانب والماعز والحيوانات الصغيرة بشكلٍ عام، ومن خلال هذه المقارنة البسيطة يظهر الفارق جليًا، فالحيوانات الكبيرة تمتلك لحوم كثيرة، وبالتالي ليس هناك أي نوع من أنواع الاعتراض عليها، حيث أن لحومها كثيرة ومُوفرة، وفي نفس الوقت جميلة، أما الحيوانات الصغيرة فهي تمتلك حجم صغير جدًا من اللحوم، ذلك الحجم يجعل من غير المُجدي أبدًا دفع الأموال فيها وشرائها، فالأمر سوف يبدو أشبه بالمخاطرة، حتى ولو كان طعمها جميلًا، فإن الإنسان لن يدفع مبلغ كبير للغاية من أجل شراء حيوان صغير له حجم لحم صغير، بينما هناك حيوان كبير بلحم أكثر وبسعر أقل، فماذا يفعل يا تُرى؟ بالتأكيد الأمر شبه محسوم، فهو سوف يشتري الحيوان ذو الحجم الكبير، ولهذا نعتبر هذا السبب من أهم أسباب عدم الإقبال على بعض أنواع لحوم الحيوانات والإقدام بشدة على أنواع أُخرى.
تفاوت الأسعار بين أنواع لحوم الحيوانات
السبب الأخير الذي قد يجعلنا نأكل بعض لحوم الحيوانات ولا يجعلنا نأكل أنواع أخرى أن بعض أنواع اللحوم تكون غالية الثمن بصورة مُبالغ فيها، وبالتالي لا يستطيع الشخص العادي محدود الدخل شراء هذا النوع ويلجأ إلى النوع الآخر الذي من المفترض أنه أقل سعر، ولهذا في الوطن العربي مثلًا نجد أن أكثر أنواع اللحوم انتشارًا هي الإبل، وهذا بسبب مسألة قلة السعر هذه، بينما الأقل انتشارًا حيوانات مثل الماعز، فهي حيوانات تتمتع بلحم ومذاق جيد لكن سعرها مُرتفع، وعمومًا تتفاوت الأسعار من مكان لمكان ومن بلدٍ إلى أخرى، وكلٌ على حسب قدرته.