فئران التجارب هي إحدى أنواع الحيوانات المختبرية، أي تلك الحيوانات التي تستغل في أغراض علمية، حيث يتم تجربة العقاقير والأدوية وأنظمة العلاج المختلفة عليها قبل تقديمها إلى الإنسان، وذلك للتعرف على مدى فاعليتها والتأكد من إنها آمنة، ولا ينتج عنها أية مضاعفات تمثل خطورة على الصحة، وتمثل فئران التجارب نسبة 95% تقريباً من إجمالي حيوانات الاختبار، بحسب التقرير الإحصائي الصادر عن مؤسسة البحوث الطبية الحيوية.
فئران التجارب .. لماذا هي الأنسب ؟
فئران التجارب في تقدير العلماء هي أنسب الكائنات التي يمكن استخدامها في الأغراض العلمية، وذلك لأسباب عديدة، منها :
التشابه البيولجي :
أول الأسباب التي تجعل فئران التجارب هي الحيوان الأمثل بالنسبة للعلماء والباحثين، هو إن الجرذان أو الفئران تنتمي إلى الثديات، وهو ما يجعل تكوينها البيولجي يشبه تكوين جسم الإنسان بدرجة كبير، وبالتالي فإن مراقبة تأثير المُمرضات والعقاقير العلاجية عليه، يجيب على العديد من الأسئلة التي يطرحها الباحثين، ويمكن من خلاله استنتاج تأثير هذه العقاقير والأنظمة الطبية على الإنسان، ومدى فاعليتها في علاج بعض الحالات المرضية أو الوقاية منها.. ودليل ذلك هو إن فئران التجارب قد استخدمت في دراسة العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، ومنها مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والصمم ونقص المناعة وأمراض القلب وضمور العضلات، وإن وسائل العلاج التي أثبتت فاعليتها وتستخدم حالياً على نطاق واسع في مكافحة هذه الأمراض، تم التأكد من فاعليتها في بادئ الأمر بمراقبة تأثيرها على الجرذان.
العمر القصير :
ليست فئران التجارب وحدها هي الأقرب للإنسان من الناحية البيولوجية، فلدينا القردة بشكل عام وقرد الشمبانزي بصفة خاصة، يتشابهون بيولوجياً بنسبة كبيرة مع الإنسان، لكن ما يمنح الفئران الأفضلية هو دورة حياتها القصيرة، فالقوارض بشكل عام تتراوح أعمارها ما بين عامين وثلاثة أعوام، وعلاوة على ذلك فهي كثيرة وسريعة التكاثر، وهذا يتيح للعلماء فرصة مراقبة تأثير الأنظمة العلاجية على عدة أجيال منها خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وهي ميزة –بالنسبة للعماء- تفتقر إليها الثديات الأخرى، إذ إن العمر الافتراضي لبعضها يتجاوز الخمسة عشر عاماً.
السيطرة :
منذ فجر التاريخ سعى الإنسان إلى استئناس الحيوانات كي يسخره لنفسه ويستغله بأشكال عديدة، ومن العوامل التي تجعل فئران التجارب هي الأفضل بالنسبة للباحثين والعلماء، هو إنها من الحيوانات المستنأنسة بطبيعتها، فالفئران من الحيوانات المطيعة والمُسالمة، وبالتالي التعامل معها لا يتطلب خبرة أو مهارة معينة، بجانب إن صغر حجمها يسهل على الباحث عملية التحكم بها عند الفحص، كما إن بقائها داخل المعامل على لا يمثل أدنى خطورة على العاملين، وحجمها الضئيل يجعل من حبسها أمر غاية في البساطة، فلا يتطلب سوى توفير أقفاص أو أحواض صغيرة الحجم.
التكيف البيئي :
من مميزات فئران التجارب أيضاً هو إنها لا تتأثر باختلاف البيئة التي تتواجد في نطاقها، فالعديد من الكائنات الحية تتأثر سلوكياتها بتغير البيئة المتواجدة في نطاقها، ومثال ذلك دب الباندا الذي لا يتزاوج ولا يتكاثر إلا إذا هيأت له بيئة شبيهة لبيئته الأصلية في البرية، أما الفئران -والقوارض بشكل عام- كائنات معتدلة المزاج، وسريعة التكيف مع أي بيئة جديدة تتواجد في نطاقها، وهو ما يضمن للعلماء أن نتائج تجاربهم صحيحة بنسبة كبيرة، ولم تتأثر بأي تغير سلوكي أو جيني أصاب الحيوان نتيجة تواجده في بيئة مخالفة لبيئته الطبيعية.
الجانب الاقتصادي :
في زمننا المُعاصر صارت النقود أو رأس المال هي المتحكمة في كل شىء، والأمر نفسه ينطبق على مجالات البحث العلمي، فحتى كبرى المراكز العلمية حول العالم تحاول الاقتصاد في نفقاتها قدر المستطاع، وتحقيق نتائج بحثية مُرضية بأقل تكلفة مادية ممكنة، و فئران التجارب تمثل الحل لتلك المُعضلة، فبجانب ما تتميز به من خصائص بيولوجية وسلوكية تجعلها مثالية لإجراء التجارب، فإنها رخيصة الثمن ويتم استيراد أعداد كبيرة من مُربيها بأثمان زهيدة، كما إن رعايتها لا ترهق الميزانيات المخصصة للأبحاث، إذن توفير المأوى والغذاء والرعاية البيطرية أمر غير مُكلف، مقارنة بغيرها من الحيوانات المختبرية الأكبر حجماً والأكثر حساسية والأميل إلى شراسة.