غليان الماء من العمليات التي تحدث في دورة الماء في الطبيعة وتعرف درجة غليان السوائل بأنها درجة الحرارة المطلوبة حتى تتحول عندها المادة من حالتها السائلة إلى حالتها الغازية، وتختلف درجة غليان كل سائل عن الآخر وتكون ثابتة عند ثبات الضغط الجوي، أما درجة الحرارة التي يبدأ السائل عندها في التبخر دون التحول الكامل للحالة الغازية فتعرف بدرجة التبخر وتكون أقل من درجة الغليان. يتكون الماء من ذرتي هيدروجين مرتبطتين مع ذرة أكسجين برابطة تساهمية ليتكون جزيء الماء، وترتبط جزيئات الماء سويا عن طريق الرابطة الهيدروجينية، ويُعد الماء أكثر مادة كيميائية منتشرة في كوكب الأرض حتى أنه يعرف باسم الكوكب الأزرق، كما أنه يشكل 70% من جسم الإنسان ويدخل في تركيب الكائنات الحية الأخرى، وهو مركب ضروري لاستمرار حياة الكائنات الحية، والحالة الفيزيائية الطبيعية التي يتواجد بها الماء هي الحالة السائلة، لكنه من الممكن أن يتحول إلى الحالة الصلبة ليصبح ثلجا، أو يتحول إلى الحالة الغازية ليصير بخار الماء، ومن الممكن أن تكون قد تساءلت مسبقا عن سبب غليان الماء عند 100 درجة مئوية تحديدا، ولكن قبل الإجابة عن ذلك السؤال، عليك أن تعلم أن درجة غليان الماء ليست ثابتة، ولكنها تعتمد على الضغط الجوي.
درجة الغليان والضغط الجوي
يُعرف الضغط الجوي على أنه وزن عمود الهواء الواقع على منطقة معينة، ويتناسب الضغط الجوي عكسيا مع درجة الحرارة، لذلك نجد أن الضغط الجوي عند خط الاستواء منخفض، ومرتفعا عند القطبين، تعتمد درجة الغليان على الظروف المحيطة مثل الضغط الجوي، فعند الظروف القياسية عند مستوى سطح البحر يغلي الماء عند 100 درجة مئوية وبذلك تتحول تلك الحرارة المكتسبة إلى طاقة حركية تُمكن جزيئات الماء من كسر الروابط التساهمية الموجودة بين جزيئات الأكسجين والهيدروجين الذي يتكون منهم الماء. عند التسخين تظهر فقاعات على سطح الماء ثم تنفجر ليخرج منها بخار الماء ويتطاير.
يؤثر الارتفاع والانخفاض على درجة غليان الماء، وذلك لاختلاف الضغط الجوي، فمثلا تقل درجة غليان الماء عند أعلى الجبال، وفي الأماكن الأقل من مستوى سطح البحر تزداد درجة الغليان، وقد يلاحظ ذلك جليا ربات البيوت أو من يقومون بالطهي عامة، حيث يجدون أن نفس الطعام قد يحتاج وقت أقل أو أكثر للطهي باختلاف فصول السنة، ويكون ذلك أيضا بسبب اختلاف الضغط الجوي، وعامة فإن ارتفاع الضغط الجوي يؤثر سلبا على الإنسان، حيث يؤدي إلى الشعور بالدوار والتعب، والإحساس بالإجهاد والدوخة، والإصابة بحالات الإغماء، لذلك فإن عملية الغليان أيضا لها دور في الطبيعة كي تعادل الضغط الجوي، حيث يتناسب الضغط الجوي عكسيا مع الأبخرة الناتجة عن الغليان.
درجة غليان الماء المالح
هناك معلومة شائعة تفيد بأن غليان الماء يتم بصورة أسرع عند إضافة الملح عليه، وساعد في انتشار تلك المعلومة ربات البيوت وبعض الطباخين المشهورين ولكن تلك المعلومة خاطئة؛ فكما أوضحنا سابقا فإن غليان الماء يعتمد على درجة الحرارة والضغط الجوي، وليس لملح الطعام تأثير يُسرع من عملية الغليان، بل إنه يرفع درجة الغليان، وهذا لأن ملح الطعام عبارة عن كلوريد الصوديوم، فعند وجوده مع الماء يتأين أي يتحول إلى أيونات موجبة وسالبة، ترتبط مع الماء، وتجذب أيونات الملح الموجبة ذرة الأكسجين السالبة، وتجذب أيونات الملح السالبة ذرة الهيدروجين الموجبة، وبذلك تنشأ رابطة أيونية قوية يصعب كسرها، مما يعني احتياج الماء إلى طاقة أكبر يحصل عليها عن طريق درجة حرارة أعلى حتى يتمكن من كسر تلك الرابطة والتحول من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة.
وقد أجريت التجارب الكثيرة في المعامل للتأكد من اعتقاد الناس أن الملح يقلل من درجة غليان الماء، ولكن كل التجارب أكدت عدم صحة تلك الشائعة، لذلك فإن حدث ذلك معك واعتقدت أن الماء وصل للغليان في حالة وجود الملح أسرع من حالة غياب الملح فعلى الأرجح أن السبب يرجع إلى الضغط الجوي وليس إلى الملح، بل إن تلك التجارب أثبتت أن درجة غليان الماء المالح تصل إلى 106 درجة مئوية في الظروف القياسية أي أعلى من درجة غليان الماء العادي بست درجات كاملة. والجدير بالذكر أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن إضافة الملح للثلج يؤدي إلى انخفاض نقطة التجمد، مما يثبت أن الملح يزيد من درجة الغليان لا العكس، وبذلك فعند طهي الطعام ينصح بإضافة الملح إلى الماء حتى يقضي على الميكروبات والفيروسات وذلك باستمرار رفع درجة حرارة الماء فتؤدي تلك الحرارة إلى التخلص من تلك الكائنات الدقيقة المؤذية.
درجة تبخر الماء
تعرف عملية تحول الماء من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة بعملية الذوبان وعكسها التجمد، وتتحول المادة من حالتها الغازية إلى حالتها السائلة في عملية تعرف باسم التكثف، وعكسها التبخر، والفرق بين التبخر والغليان، أن التبخر يحدث على السطح الذي يفصل بين المادة السائلة والغازية، ولا يحدث للمادة السائلة كلها، ويعد التبخر من المراحل الأساسية في دورة المياه في الطبيعة.
وتُعرف درجة تبخر المادة بأنها درجة الحرارة التي يتبخر عندها 1 مول من المادة، وبالنسبة للماء فإنه يحتاج إلى خمس أضعاف الطاقة اللازمة لتسخينه حتى يصل إلى درجة التبخر، وللتبخر دور هام في اتزان نظام البيئة فعند تبخر مياه البحار والأنهار والمسطحات المائية الأخرى بفعل حرارة الشمس، فإنه يصعد إلى طبقات السماء العليا ليتكاثف ويتساقط على هيئة أمطار، وقد تمكن العلماء من الاستفادة من عملية البخر في فصل مكونات أي مادة عن بعضها البعض، وذلك عن طريق عملية التقطير.
ومن الممكن أن تلاحظ عملية تبخر الماء خلال نشاطاتك اليومية، فعند غسل الأطباق مثلا وتركها في درجة الحرارة العادية تجد أن قطرات الماء الصغيرة عليها اختفت بعد فترة، وذلك تطبيقا لعملية التبخر، كذلك فعند ابتلال جزء من ملابسك بالماء وتركه فترة فإنه يجف لنفس السبب وهكذا، فإن عملية تبخر الماء تحدث باستمرار حولنا ولها تطبيقات كثيرة في الصناعة أو في الأمور اليومية العادية.
يحدث تبخر الماء في الهواء الجاف نتيجة اصطدام جزيئات الماء وتدافعها معا حتى تصل إلى أعلى وتلتصق بجزيئات الماء الموجودة في الهواء، والمسؤول عن ذلك هو الضغط البخاري، ولكل سائل ضغط بخاري مختلف عن الآخر، فهو مرتفع نوعا ما للماء مما يسمح له بالتبخر في درجة حرارة الغرفة، بينما الزيوت يكون ضغط تبخرها منخفض، وضغط تبخر الكحوليات مرتفع جدا مما يؤدي إلى تبخرها بسرعة وتطايرها في فترة قصيرة.
وبذلك فإن عملية الغليان تحتاج إلى كسر الروابط بين ذرات وجزيئات المادة السائلة، وتلك العملية تحتاج إلى طاقة، يمكن الحصول عليها عن طريق الحرارة، وفي حالة الماء فإن في الظروف القياسية يحصل الماء على تلك الحرارة اللازمة عند 100 درجة مئوية تحديدا.