منذ ظهور الديانات السماوية سواء الإسلامية أو النصرانية أو اليهودية وهناك خلاف سائد بين أتباع الديانات الثلاث، فمع مرور الزمن انشقت عن كل ديانة مجموعة من الطوائف والفرق تتفق مع الديانة الأم في بعض المعتقدات وتختلف معها كليةً في معتقدات أخرى، غالباً ما يكون هذه الاختلاف في أصل العقيدة وأساس الدين فتظن كل فرقة أنها الأصل وأن دينها واعتقاداتها هي الصحيحة، العجيب في الأمر أن بعض هذه الطوائف تفرقت أيضاً لعدة فرق مختلفة لها اعتقادات ومذاهب تختلف عن طائفتها وديانتها الأم! كل هذا الخلاف أدى للتشتت والفرقة بين أتباع الدين الواحد، لم تختلف الديانة الإسلامية عن باقي الديانات السماوية، بل ربما كانت أكثر ديانة تفرق أتباعها على مذاهب وعقائد مختلفة أشهرها الشيعة والخوارج والعلوية والدروز وغيرهم، وقد نبأ نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الفرقة من قبل في حديثه الشريف ” وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً ، قَالُوا : وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي”، في هذا المقال سنتناول واحدة من هذه الفرق التي اختلف عليها العلماء ودعاة الدين وهي طائفة الدروز، فهل هي تابعة للدين الإسلامي؟ أم أنها ديانة مستقلة بذاتها؟ وكيف ظهرت وعلى يد من تأسست وفيما تختلف عن الدين الإسلامي الصحيح؟
لماذا يوجد خلاف بين العلماء على حقيقة طائفة الدروز؟
من هم الدروز
الدروز هم طائفة من الطوائف التي تنسب نفسها للدين الإسلامي وتتظاهر بالتدين والورع، تعتمد في مذهبها على السرية الشديدة حتى على أتباعها، فلا أحد له حق الاطلاع على كتابهم المقدس والذي يُسمى برسائل الحكمة إلا شيوخهم فقط، كما أن تعاليمها لا تُدرّس لأتباعها إلا لمن هم فوق الأربعين فقط، تعتمد هذه الطائفة على مذهب التفسير الباطني، فهم يعترفون بالقرآن الكريم ككتاب لهم بجانب كتاب الحكمة، لكن تفسيرهم له لا يعتمد على المعاني الظاهرية بل يفسرونه تفسيراً باطنياً تبعاً لفهمهم، كما يستندون إلى رسائل الحكمة التي ألفها حمزة بن علي بن أحمد.
كيف تأسست الطائفة الدرزية
نشأت الطائفة الدرزية في مصر في عهد الدولة الفاطمية وتحديداً أثناء حكم الخليفة أبو علي المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي والذي اتخذ لنفسه لقب (الحاكم بأمر الله الفاطمي)، عاش في الفترة بين عامي 375هـ و 411هـ، لكنه لم يكن من دعا لهذه الطائفة، بل تأسست على يد حمزة بن علي تحديداً في عام 408هـ، دعمه عبد الله محمد بن إسماعيل الدرزي وبدأ التخطيط لهذه الفرقة الجديدة وأفكارها، فادعى أن روح الإله سكنت جسد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم انتقلت بين أبنائه حتى وصلت للحاكم بأمر الله.
لكن لما كُشف أمرهما ثار عليهم مسلمي مصر وأرادوا قتلهم فقام الحاكم بتهريب عبد الله الدرزي إلى الشام لنشر دعوته هناك وتحديداً في وادي تيم بن ثعلبة في دمشق.
ظل حمزة وأتباعه في مصر حتى عام 411هـ حيث خرج الخليفة الحاكم بأمر الله ولم يعد فاضطرت الفرقة الإسماعيلية (طائفة شيعية من أتباع محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق) إلى إعلان وفاة الحاكم، لكن حمزة رفض هذه الفكرة وادعى أنه سيعود مرة أخرى ورفض الاعتراف بولاية أبنه الظاهر بالله، بعد ذلك رفض الظاهر هذه الدعوة وطردها من مصر فهاجر حمزة وأتباعه إلى الشام واستقروا في منطقة جبل الدروز حالياً.
تسمية أصل تسمية الدروز
تأتي هذه التسمية نسبة لعبد الله بن إسماعيل الدرزي، رغم أن الدروز الحاليين يرفضون هذه التسمية ويفضلون أن يُطلق عليهم أسم الموحدين، كما يتنكرون من عبد الله الدرزي ويدعونه بالزنديق لأنه نسب الإلوهية لأحد غير الله.
معتقدات الطائفة الدرزية
نتيجة للتعتيم والسرية الشديدة التي أحاطت بمبادئ هذه الطائفة ظهرت العديد من التكهنات وبناء عليه ظهر تخبط كبير فيما إذا كانت طائفة إسلامية أم ديانة ومعتقد منفصل حتى اختلف في ذلك شيوخ الطائفة أنفسهم، بالإضافة للتشوش الشديد وعدم وجود اتفاق على مبادئهم، فيما يلي بعض الآراء حول عقيدة الدروز.
♦ الدروز الموحدين
- بعض العلماء يقولون أنهم يؤمنون بألوهية الله وحدة ويُقدسونه ويحرمون ويكفرون من يدعون أنه تجسد في الحاكم بأمر الله ويعترفون بنبي الله محمد كما يعترفون بالقرآن الكريم لكن يتخذون تفسيره تبعاً لعقائدهم الخاصة المذكورة في كتاب رسائل الحكمة، أما الاختلاف بينهم وبين المسلمين السنة في أن الدروز لا يُبيحون تعدد الزوجات إنصافاً للمرآة ويمنعون عودة المطلقة لزوجها ولو كانت طلقة واحدة، كما يتبعون حرية الإيصاء في الورث.
- البعض الآخر يقول أنهم يؤمنون بتجسيد الإله وأن الله تعالى قد ظهر على الأرض في جسد على بن أبي طالب والحاكم بأمر الله وأن إبليس قد ظهر في جسد نوح عليه السلام.
- يدعون أيضاً بأن نبي الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ليس بنبي، وأن نبيهم هو المسيح ممثل في حمزة كاتب رسائل الحكمة.
- كذلك يؤمنون بتناسخ الأرواح وأن الروح إذا خرجت من جسد لا تعود للسماء ولكن تُخلق من جديد في جسد إنسان أخر.
- يتحاكمون للقرآن والإنجيل أي ناسب هواهم كما يقولون بأن الحاكم بأمر الله قد اسقط عنهم الصلوات الخمس والصيام والزكاة الحج والجهاد والولاية.
الوصايا السبع
يتخذ الدروز سبع مبادئ أساسية لابد أن يتبعها كل درزي ويحفظها عن ظهر قلب وهي ما يلي:
- صدق اللسان.
- حفظ الإخوان.
- ترك عبادة العدم والبهتان.
- البراءة من الأبالسة والطغيان.
- التوحيد لمولانا في كل عصر وزمان.
- الرضا بفعل مولانا كيفما كان.
- التسليم لأمر مولانا في السر والحدثان.
شعار الدروز وتفسيره
يتألف شعار الدروز من نجمة خماسية كل ضلع منها له لون يرمز لشيء معين في معتقداتهم كما يلي:
-
الأخضر
يرمز للحكمة والعقل وينسبونه لمولاهم حمزة بن علي بن احمد الزوزني.
-
الأحمر
النفس ومكافحتها وينسبونهم لمولاهم أبي إبراهيم بن محمد بن حامد التميمي.
-
الأصفر
للكلمة وكل ما يخرج من الفم ويُنسب لمولهم أبي عبد الله محمد بن وهب القرشي.
-
الأزرق
للسابق أي التعلم من خبرات الحياة السابقة ويتم نسبته لمولاهم أبي خير سلامة بن عبد الوهاب السامري.
-
الأبيض
التالي أي الخبرات والحياة المستقبلية ويُنسب إلى مولاهم بهاء الدين أبو الحسن علي بن احمد السموقي المشهور “بالضيف”.
توزيع الدروز الحاليين
يعيش الدروز حالياً في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، كما توجد أعداد مهاجرة منهم يعيشون بأمريكا الجنوبية وكندا والولايات المتحدة.
ملاحظة : هذا مقال للمعرفة ، ولا يقصد منه الاساءة الى اي احد. اذا كان هناك امر ما في المقال غير صحيح يرجى الاتصال بنا لتصحيحه