مما لا شك فيه أن ضربات القلب وخفقانه واحدة من أهم الأدلة على أن الإنسان لا يزال على قيد الحياة، حياة الإنسان في الأصل تمضي ما دام القلب يمضي معه، وطبعًا كلنا يعرف أن أسهل طريقة لقتل أي شخص هي إيقاف قلبه، لكن في بعض الأحيان قد يحدث لذلك القلب الحساس بعض الأمور الغير مُستساغة، وذلك مثل زيادة معدل نبضات القلب أو نقصانها، ففي كلا الحالتين يُصبح القلب في موضع لا يُحسد عليه، ولن نُبالغ إذ نقول بأن الموت في هذه الأثناء يكون أقرب إلى الشخص من أي شيء آخر، وهذا بالتأكيد يدفع الجميع إلى البحث عن الأسباب التي قد تؤدي إلى تلك الظاهرة، وهي زيادة معدل نبضات القلب، حيث أن بذل المجهود يُعد من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى زيادة المعدل، ولذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على القلب والأسباب التي تؤدي إلى زيادة معدل ضرباته عند بذل الجهد.
ما هو القلب؟
كما تعودنا، يجب علينا في كل مرة نتحدث فيها عن موضوع ما أن نُعرّف أولًا ببطله، وبطلنا في هذا الموضوع هو القلب، والحقيقة أن القلب لا يُعد بطلًا لهذا الموضوع فقط، وإنما كذلك يُعتبر بطلًا للحياة بأكمله، فإذا فقد الإنسان عينه فإنه من الممكن أن يعيش متألمًا، وكذلك الحال بالنسبة لأحد قدميه أو يديه أو أي عضو آخر، لكن، عندما يفقد جزء من جسمه يُسمى القلب فإن كل شيء ينتهي في هذه اللحظة، وذلك لأن القلب ببساطة ليس مجرد جزء من جسم الإنسان، وإنما هو الإنسان نفسه، فهو الذي يُحدد كيف تسير الأمور وأين من الممكن أن تنتهي.
سُمي القلب بهذا الاسم لأنه دائم التقلب، وهو شيء يتواجد أسفل الرأس وتتصل به عدة شرايين يُقال إنها الأهم في الجسم على الإطلاق، وطبعًا هذا العضو بالذات لا يُمكن العبث معه أو تعريضه لأي خطر مادي أو معنوي، لكن لماذا يا تُرى يحظى القلب بكل هذا الاهتمام؟ بمعنى أدق، ما هي الفوائد التي يُقدمها كي يكون في تلك المكانة الكبيرة؟
أهمية القلب للجسم
قبل ضربات القلب واضطراباته علينا أولًا أن نتحدث عن القلب عندما يكون في هيئته الطبيعية، ففي هذه الحالة يُصبح لذلك المخلوق المنفرد الصغير فائدتين أو عملين، وهما بالمناسبة عملية منفصلين، حسي ومعنوي، أما العمل الحسي فهو ذلك الذي يتخلص في قدرة القلب على نقل الدم من مكانٍ إلى آخر في الجسم وتنظيم عمليات دخول وخروج الهواء، حيث يُعتبر مزودًا رئيسيًا للرئة، ويُقال إن القلب يستطيع ضخ ما يتجاوز الخمسة لتر في دقيقة واحدة، وهذه النسبة يُمكن أن تزداد إذا صاحبها أمر هام مثل ممارسة الرياضة، وإذا كنا نعتبر أن عمل القلب يتوقف عند هذه الأمور فنحن لا نعرف بعد تلك الفوائد المعنوية، أو التي لا يُمكن رصدها ورؤيتها.
فوائد القلب المعنوية في الحقيقة لا يُمكن القول إنها فوائد قليلة، فبالإضافة إلى العقل ثمة ما يُسمى بالمشاعر، وهذا الأمران هما ما يُمكن أن يُميز من خلالهما الإنسان عن الحيوان، فكل علاقات الحب ومشاعر الأمومة والصداقة في الأساس مصدرها دقة قلب، دقة قلب كفيلة بأن تُغير وجهة إنسان ونظرته لأمر من الأمور، أي أن القلب ببساطة يتحكم في الإنسان تحكمًا كبيرًا، ولن نبالغ إذ نقول إنه يستطيع هزيمة العقل في الكثير من المعارك، وكل ذلك يحدث بصورة منتظمة إذا لم يكن ثمة اضطراب في ضربات القلب.
اضطراب ضربات القلب
يسير القلب الطبيعي على ضربات القلب المنتظمة، تلك الضربات عادةً ما تتماثل معدلاتها في كل القلوب الموجودة في كل الأشخاص، لكن في بعض الأحيان يحدث أن يضطرب المعدل الكهربائي في الجسم فيضطرب معه معدل نبضات القلب، واضطراب معدل نبضات القلب يعني أن تتم زيادة سرعة النبض أكثر من المألوف، أو العكس تمامًا، وهو انخفاض سرعة النبض عن المألوف، في كل الحالات يُصبح الأمر خطيرًا ويستحق الانتباه له والبحث عن أسبابه.
من الممكن جدًا أن يؤدي اضطراب ضربات القلب إلى حدوث جلطة في الجسم وبالتالي الموت، أما إذا كان الأمر بسيطًا فإن خطورته قد تصل إلى عدم القدرة على التنفس أو فقدان الشعور بالجسم وحدوث الدوخة أو ما شابه، وطبعًا هذه الأمور جميعها تستدعي الذهاب إلى الطبيب وإعلان حالة من الطوارئ، وذلك لأننا لا نضمن كما ذكرنا إلى أي شيء يُمكن أن ينتهي الأمر، وهل هو سيمر بعد عناء أم سيقود إلى الموت، عمومًا، من المهم طبعًا أن نتعرف على أسباب اضطراب نبضات القلب كيلا نقع في الفخ ونضع حياتنا في خطر.
أسباب اضطراب ضربات القلب
المحافظة على المعدل الطبيعي لضربات القلب أمر مهم جدًا لنا جميعًا بالتأكيد، لكن في بعض الأحيان قد تضطرب تلك الضربات، ويكون الأمر الأولى، قبل البحث عن العلاج، أن نبحث عن السبب الذي قاد لحدوث الخلل في القلب، والحقيقة أن أسباب اضطراب ضربات القلب تختلف من شخص إلى آخر حسب حالته الصحية والنفسية، لكننا سنكتفي فقط بذكر أبرز تلك الأسباب وأكثرها انتشارًا، وعلى رأسها العيوب القلبية أو الخلقية.
العيوب القلبية أو الخلقية
من أهم الأسباب التي تقود إلى حدوث اضطراب في ضربات القلب أن يكون هناك عيوب خلقية موجودة بالفعل داخل القلب، وتحديدًا عند الولادة، فهناك أشخاص يولدون مثلًا وهم يحملون ثقب في القلب، وآخرين يعانون من أمراض تتعلق بصمام القلب، وقد يتطور الأمر إلى وجود تورم في القلب، وطبعًا كل هذه الأشياء أخطر وأكبر بكثير من الاضطراب في الضربات، وهناك شيء أهم من كل ذلك يُمكن اعتباره من أهم العيوب القلبية التي تقود إلى الاضطراب الذي نتحدث عنه، وهو أن يكون هناك عجز عن تزويد القلب بالدم الكافي، عمومًا تلك العيوب لا دخل للإنسان بها من قريب أو بعيد، بل عادةً ما تكون أمراض وراثية يرثها من أحد والديه.
الأمراض الجسدية المكتسبة
مع سير حياة الإنسان يُصبح من الوارد جدًا التعرض لمرض جسدي مُكتسب يؤثر بصورة مباشرة على الدم، والأمثلة على ذلك كثيرة، وأولها ارتفاع ضغط الدم ومرض مثل السكري وزيادة نسبة الملح التي تؤدي إلى اختلال الجسم، وأيضًا زيادة نسبة الكولسترول، كل هذه أمراض جسدية مكتسبة يستمدها الإنسان من الطبيعة حوله وتؤثر بشكل مباشر على ضربات القلب، تأثير سلبي بكل تأكيد، وذلك لأنها ببساطة تقود إلى اضطرابها.
الأدوية والمشروبات
من ضمن الأسباب التي قد تجعل من اضطراب ضربات القلب أمرًا واردًا أن يتم استخدام بعض الأدوية المُنشطة والمشروبات، فمثلًا الأدوية المُنشطة يشعر القلب بعدم قدرته على تحملها، لذلك فإنه كي يقوم بمواكبتها يبذل جهد مضاعف مضطرب، أما المشروبات فالجميع بكل تأكيد يُحذر من المشروبات الغازية ويؤكد أنها تضر بالجسم، وعلى سبيل التحديد فإنها تُسبب الاضطراب الغير محمود في ضربات القلب.
الإجهاد الشديد
من الأسباب التي لا غبار عليها في كونها سببًا من أسباب اضطراب ضربات القلب ذلك السبب الذي يتعلق بتحميل القلب، والجسم عمومًا، جهد أكبر من طاقته، فكل إنسان، ومعه قلبه، يمتلك قدرة معينة لا يُمكن الزيادة عليها، وإذا حدث وزاد الحمل فلا يعرف أحد ما الذي يُمكن أن يؤدي إليه هذا الأمر، والحقيقة أن البعض يتفنن في إجهاد نفسه وزيادة الأحمال عليه، ولا يعرف أبدًا أن هذا الأمر قد يؤثر عليه على الأقل في زيادة معدل ضربات القلب، والسؤال الذي يستحق الطرح الآن، لماذا يزداد معدل ضربات القلب عند بذل المجهود؟
لماذا يزداد معدل الضربات خلال بذل المجهود؟
اتفقنا من قبل أن زيادة معدل ضربات القلب تحدث لعدة أسباب، وقد ذكرنا طبعًا ضمن تلك الأسباب سبب هام جدًا، وهو بذل المجهود، فمن المعروف أن بعدل ضربات القلق يصل إلى ذروة اضطرابه خلال بذل أي مجهود من أي نوع، والحقيقة أن هذا الأمر لا يحدث عبثًا، وإنما له عدة أسباب، من ضمنها مثلًا الرغبة في إيصال الأكسجين للجسم.
الرغبة في إيصال الأكسجين للجسم
الجسم دائمًا في حاجة إلى الأكسجين، هذا أمر مفروغ منه بالتأكيد، والحقيقة أنه عندما يتم بذل المجهود يزداد معدل حرق السعرات الحرارية، وعندما يزداد معدل حرق السعرات الحرارية فإن أمور مثل الرغبة في إمداد الجسم بما يعوضه من أكسجين تُصبح متصدر لمشهد الصدارة، مما يؤدي إلى وضع القلب في مأزق يضطر من خلاله إلى الإسراع من معدل نبضاته من أجل اللحاق بالأمر وإعطاء كامل الجسم حقه من الأكسجين.
أكبر برهان على ذلك الأمر هو ما يحدث أثناء أحد أكثر الألعاب التي يتم بذل المجهود بها، وهي لعبة كرة القدم، فخلال تلك اللعبة يمكننا مثلًا أن نرى لاعبين يسقطون فجأة بأزمة قلبية مباغتة، والسبب ببساطة أن معدل ضربات القلب قد اضطرب اضطرابًا يستحيل السيطرة عليه، وهذا بكل تأكيد أمر خطير لا يُمكن بأي شكل من الأشكال التغاضي عنه، ولهذا فإنه من الواجب إجراء الفحوصات، على القلب بالذات، قبل البدء في تلك اللعبة أو أي أمر يتطلب مجهود كبير.
الحمل الزائد يطلب قلب أقوى
طبعًا اتفقنا أن القلب هو ميزان الجسم، والحقيقة أن هذا الميزان في بعض الأحيان يكون مُطالب بعدة مهمات أقل ما يُقال عنها أنها مهمات شقة، وعندما يتعلق الأمر ببذل المجهود بالذات فإن القلب يُعاني الأمرين مع هذا الأمر، لأن الحمل الزائد يُسبب التعرق وسحب الأكسجين وخوار الجسم، وكل هذه أشياء تطلب من القلب زيادة الجهد كي يقوم بتغطيتها، لكن الأمور لا تسير دائمًا على ما يرام، ففي بعض الأحيان يفقد القلب السيطرة ويضطرب معدل نبضه بالزيادة أو النقصان، وهنا يُصبح عرضة للأمور التي تحدثنا عنها من قبل، لذلك نعاود ونكرر بأهمية عدم تحميل أي شيء أكثر من طاقته، وبصفة خاصة ذلك القلب المسكين.
وجود جسد ضعيف
في بعض الأحيان يكون القلب للغرابة أقوى مئة مرة من القلب، وهنا يحصل الإشكال عند بذل المجهود بالقلب بالفعل قوي، لكن الجسم لا يتحمل القوة بنفس المقدار الذي يتحمله القلب، ومع تفاوت القوى تظهر بوادر المشكلة التي تتطور إلى اضطراب في ضربات القلب، لكن هذا السبب يُعتبر من أقل المبررات لتلك الظاهرة، إذ أنه من النادر أصلًا وجود قلب قوي في جسد ضعيف، بل العكس هو ما يحدث غالبًا.