أفلام جون ويك John wick هو عنوان سلسلة سينمائية جديدة أُطلقتها هوليوود مؤخراً، وصدر منها حتى الآن جزئين الأول في عام 2014م تحت عنوان John Wick والثاني في عام 2017م بعنوان John Wick: Chapter 2، السلسلة من ابتكار وتطوير تشاد أستهاليسكي وديفيد ليتشر اللذان ساهما في تقديم العديد من أفلام الحركة والإثارة الناجحة سواء كمؤلفين أو مخرجين أو مصممي مشاهد حركة وإثارة أبرزها فيلم ماتريكس The Matrix، بينما يجسد شخصية البطل ضمن أحداث السلسلة النجم كيانو ريفز في شخصية القاتل المأجور جون ويك، وقد صرح مصدر مسؤول من داخل الشركة المنتجة باتخاذهم قرار تقديم جزء ثالث من السلسلة خلال العامين القادمين، وكان ذلك أمراً متوقعاً نظراً لما حققته أفلام جون ويك من نجاح في شباك التذاكر، حيث بلغت إيرادات الجزء الأول حوالي 87 مليون دولار في حين بلغت ميزانية الإنتاج 20 مليوناً فقط!..
عوامل تميز سلسلة أفلام جون ويك
تقدم السينما العالمية سنوياً عشرات الأفلام التي يعتمد البناء الدرامي لها على الإثارة والتشويق ومشاهد الحركة، لكن نسبة قليلة من تلك الأفلام تحظى بإشادة الجماهير والنقاد على السواء وكانت سلسلة أفلام جون ويك ضمن هذه الفئة القليلة، ويرجع ذلك لما توفر بها من عوامل جذب جعلتها مختلفة ومتميزة أبرزها الآتي:
البطل الضد
يبدو أن صناع أفلام جون ويك خططوا أن يكون فيلمهم متفرداً ومختلفاً عن السائد في السوق السينمائي في كل شيء، بما في ذلك طبيعة بطل الرئيسي لسلسلة الأفلام، حيث أن جدول الأفلام المعروضة والمرتقبة مزدحم بالعديد من السلاسل السينمائية التي تعتمد على الحركة والإثارة أبرزها سلسلة مهمة مستحيلة Mission Impossible وسلسلة جاك ريتشارد Jack Reacher وكلاهما من بطولة توم كروز، وكذلك إلى سلسلة Fast and the Furious بالإضافة إلى مجموعة أفلام عالم مارفل وأفلام دي سي المأخوذة من القصص المصورة.
الاختلاف الرئيسي بين كل تلك الأعمال وسلسلة أفلام جون ويك هي طبيعة البطل، حيث أن تلك الأفلام يُمثل أبطالها جانب الخير الذي يتصدى إلى مخططات القوى الشرية في سبيل إرساء العدالة والدفاع عن الحق، لكن صُناع جون ويك اعتمدوا في رسم الشخصية على قاعدة البطل الضد، وهي قاعدة سينمائية وأدبية تعتمد على تكون شخصية البطل بعيدة تماماً عن المقومات التقليدية لشخصية البطل.
شخصية جون ويك لا تناصر الخير والأهداف التي تقاتل من أجلها ليست نبيلة على الإطلاق، فالبطل هنا قاتل مأجور مُتقاعد يصاب بصدمة عاطفية نتيجة وفاة زوجته، ثم يتعرض إلى السرقة على يد أحد أبناء زعماء المافيا الروسية، فيقرر التراجع عن قرار التقاعد ويسعى خلفه بهدف الانتقام..
كثافة مشاهد الإثارة وواقعيتها
ثاني العوامل التي تُميز أفلام جون ويك عن غيرها من الأعمال التي تنتمي إلى نفس النوع الدرامي، هو كثافة مشاهد الحركة والإثارة التي تتضمنها الأحداث، حيث تشغل المشاهد القتالية نسبة 87% تقريباً من إجمالي مدة عرض الفيلم، مما يجعل تلك الأفلام بمثابة وجبة دسمة لمحبي هذا النمط من الفن السابع.
لكن العامل الأهم الذي يميز مشاهد العنف في جون ويك هو أنها واقعية تماماً، وتم تنفيذها بأسلوب يشبه تنفيذ مشاهد فيلم ماد ماكس Mad Max، أي لم يتم الاعتماد فيها على تقنيات الخدع البصرية بصورة موسعة كما هو الحال السائد في أغلب أفلام هوليوود الأخيرة، والتي اعتمد بعضها على الخدع الحاسوبية بنسبة 100% مثل باتمان ضد سوبر مان أو سلسلة XXX، ورغم أن تلك المشاهد كانت مبهرة بصرياً إلا أنها لم تقع في فخ المبالغة مما دفع المشاهد إلى تقبلها ومنح أحداث الفيلم درجة أعلى من المصداقية.
التجديد في تصميم المشاهد القتالية
عادة ما يقع المخرجين عند تقديم مشاهد الحركة والإثارة في فخ التكرار، ذلك يرجع إلى العدد الضخم للأفلام من هذا النوع، والذي رفع سقف التحدي على كل مخرج ومصمم معارك ولم يعد من السهل الأتيان بأشكال جديدة في تنفيذ تلك المعارك، لكن صُناع أفلام جون ويك انتبهوا لتلك المشكلة وعملوا على تفاديها، وذلك يتضح بصورة أكبرة في أحداث الجزء الثاني.
رغم كثافة مشاهد الحركة المتنوعة ما بين الاشتباكات المباشرة ومطاردات السيارات ومشاهد تبادل إطلاق النار، إلا أنهم اعتمدوا في تنفيذها على مجموعة من الحركات القتالية المستحدثة في عالم السينما والغير مألوفة بالنسبة للمُتلقي، وهذا ضاعف متعة المشاهدة ولم يُشعر المشاهد بالملل رغم طول المدة الزمنية لبعض تلك المشاهد.
العالم الافتراضي للقتلة المأجورين
تدور أحداث سلسلة جون ويك داخل عالم خيالي يضم العديد من القتلة المأجورين حول العالم، وقد برع صُناع السلسلة في رسم هذا العالم وتحديد أدق التفاصيل الخاصة به، مثال ذلك أننا نرى في تلك السلسلة فنادق غير شرعية مخصصة لإقامة القتلة المأجورين وكذلك نرى شخصية منظف الجرائم المسؤول عن التخلص من الجثث وإخفاء آثار المعارك.
رغم أن ذلك العالم افتراضي تماماً ولا يمكن أن يتواجد على أرض الواقع، إلا أن جودة تصميمه والتصوير الدقيق لمجريات الأمور في داخله جعلت المشاهد يتقبل فكرة وجوده بسهولة، خاصة أن المخرجين حرصوا على عدم المبالغة في تصويره، وقد حملت أحداث الجزء الثاني بعض المؤشرات على أن هذا العالم السري لم يتم استعراضه بالكامل، وأن المشاهد قد يرى جوانب أخرى منه خلال أحداث الأجزاء التالية من السلسلة.
القدرة على التطوير
التكرار والملل هما الشبح الذي يهدد السلاسل السينمائية، وأكبر دليل على ذلك سلسلة أفلام سبايدر مان المذهل The Amazing Spiderman التي بدأت قوية ثم فشلت في جذب الجمهور، حيث لم تعد السلسلة تقدم جديداً سواء على مستوى الحبكة الدرامية أو على مستوى تصوير المشاهد القتالية.
لكن هذه مشكلة أخرى نجح صناع أفلام جون ويك في تفاديها بمهارة خلال الجزئين الأول والثاني، حيث جاء كل منهما مختلف بدرجة كبيرة عن الآخر على الرغم من أنهما يدورا حول نفس الشخص وداخل نفس العالم، حيث أن دوافع الشخصية في كل من الفيلمين كانت مختلفة تماماً، بالإضافة إلى أن المخرج حرص في الجزء الثاني على استعراض جوانب جديدة من العالم الافتراضي الذي تدور الأحداث في نطاقه، وقد امتد التطوير إلى أسلوب تنفيذ مشاهد الأكشن والمطاردات نفسها.
البناء الدرامي الجيد
تستحوذ مشاهد الحركة على النسبة الغالبة من أحداث أفلام جون ويك لكن ذلك لم يأت على حساب البناء الدرامي للأفلام، فرغم أن مشاهد التشويق تبدأ مع شارة المقدمة ولا تتوقف إلا بنزول شارة النهاية، إلا أن المؤلف برع في تصوير الشخصيات وتوضيح خلفياتهم ودوافع الصراعات الدائرة بينهم، هذا كله عمل على مضاعفة جرعة التشويق المُقدمة ضمن الأحداث كما أنه جعلها متسقة بدرجة أكبر مع المنطق ومنح الشخصيات والأحداث درجة أعلى من المصداقية لدى المشاهد جعلته يتعايش وينفعل معها.
الشخصيات المساعدة
يمكن القول بأن الإتقان والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة هو سر نجاح سلسلة أفلام جون ويك بعكس العديد من السلاسل السينمائية الأخرى، وأكبر دليل على جودة العمل، هو الاهتمام بأدق التفاصيل الخاصة بمجموعة الشخصيات المساعدة رغم أن الأفلام من النوعية التي تتمحور بشكل كامل حول شخصية البطل المنفرد، ففي أفلام جون ويك اهتم المخرج بإبراز خلفيات وطباع مختلف الشخصيات المساندة بما في ذلك الشخصيات التي تظهر ضمن الأحداث إلا بعدد محدود جداً من المشاهد.