النفاق هو أخطر الأمراض الاجتماعية لما يترتب عليه من آثار جسيمة على حياة الفرد والمجتمع، فلا يقتصر الأمر على الأمور الدينية فقط بل يمتد ليشمل الأمور الحياتية، خاصة إن كان الشخص في منصب قيادي، لكن ما هو النفاق؟ وكيف يمكن التعرف على الشخص المنافق؟ وما الأضرار التي تصيب المجتمع من جراء نفاقه؟
لماذا يكره الناس الشخص المنافق وما أضرار النفاق ؟!
ما هو تعريف النفاق؟
اُتخذت كلمة النفاق من الأنفاق الصغيرة التي تحفرها الحيوانات كالأرانب والسناجب وغيرها، فهي تجعل للنفق مخرجين حتى إذا هجم أحد الحيوانات المفترسة على جحرها وجدت مكاناً أخر تهرب منه، هذا تماماً ما يقوم به المنافق، فهو يتخذ وجهين متعاكسين تماماً يظهر للناس منهما ما ينجيه حسب الموقف والمكان الذي يتواجد فيه، لذلك فهو يخفي دائماً عكس ما يظهر، إذا أخفى الشخص في قلبه كفرة بتعاليم الإسلام فيسمى في هذه الحالة بالمنافق الخالص، وحكمه عند الله عز وجل كحكم الكافر بل أشد لما يظهره من تحايل وخداع، أما إن كان يؤمن بالإسلام وتعاليمه لكنه يخفي في قلبه بعض المعاصي التي يقوم بها كأن يظهر للناس أداءه للصلاة إرضاء لهم وهو لا يقوم إليها فهو مازال مسلماً لكنه عاصياً وفيه خصلة من خصل النفاق.
أنواع النفاق
-
نفاق اعتقادي
هذا النوع من النفاق يظهر فيه المنافق اعتناقه للإسلام وتعاليمه بينما يخفي كفره وشركه بالله تعالى، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لبث الفتنة في أوساط المسلمين وزعزعة عقيدتهم، وهو من أعظم الذنوب التي لا تغتفر، فقد توعد الله للمنافقين من هذا النوع بأشد أنواع العذاب كما ذكر في أكثر من موضوع في كتابه العزيز منها ما ذُكر في سورة النساء آية 145 :
إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً
أشهر منافق في تاريخ الإسلام هو عبد الله بن أبي بن سلول.
-
نافق عملي
أو النفاق الأصغر وهو قيام المنافق ببعض المعاصي الكبيرة كترك الصلاة أو الزنا وغيرها مع إخفائها وإظهار للناس أنه شخص تقي ورع، هذا الشخص لا تنتفي عنه صفة الإسلام لكنه يظل منافقاً وكلما زادت المعاصي التي يخفيها ويداوم عليها زاد نفاقه حتى يصل لمرحلة النفاق الأعظم، وهؤلاء من قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”.
صفات المنافق
- إظهار عكس ما يخفون في قلوبهم خوفاً من التعرض للعقاب أو رياء للناس.
- سعيهم لنشر الفتنة والضغينة بين صفوف المؤمنين سعياً لذبذبة إيمانهم وأملاً في ضمهم لصفوف المنافقين.
- يقومون بالسخرية والاستهزاء من المسلمين ومن تعاليم الإسلام مدعين أنها درباً من الجهل والتخلف.
- يقومون بالحلف كذباً ويزايدون على الله بالحلف لكي لا تنكشف جرائمهم.
- التواطؤ والانضمام لصفوف أعداء الإسلام في السر سعياً لكسر شوكة المسلمين ورؤيتهم أذلاء في كافة بقاع الأرض.
- عدم الاستماع لكلمة الإسلام في المواقف المختلفة بل يتخذون من الأديان الأخرى حكماً لهم تبعاً لأهوائهم.
- الانسياق وراء شهواتهم مهما كانت دون مراعاة أو احترام حقوق الآخرين فيعيثون في الأرض فساداً.
- الاغترار بأنفسهم والظن أنهم في مكانة أفضل من المسلمين.
- عدم أداء العبادات المفروضة عليهم إلا أمام الناس تطلعاً لظهور بمظهر الشخص التقي الذي يخشى الله بينما قلبه متعلق بأهواء الدنيا.
- النفور من القتال مع المسلمين وادعاء المرض أو عدم القدرة على الخروج خوفاً من الموت.
- لا يحفظون وعودهم أبداً مع المسلمين أو غيرهم، فهم دائماً ما ينكسون الوعد.
- لا يحافظون على الأمانات.
- لا يقومون بصلة أرحامهم ولا يودون أقاربهم، إلا لمصلحة خاصة أو غرض في قلوبهم.
خطورة النفاق
خطورة المنافق تتمثل في سعيه للإفساد في الأرض وأكل أموال الناس بالباطل سعياً لمصالحه الشخصية، وكرهه لرؤية المسلمين ناجحين في أعمالهم وحياتهم فيسعى لإضعافهم بكافة السبل، لذلك إذا أمسك منافق أي منصب سيادي في الدولة تراه يهمل عامة الناس بل يسعى لاضطهادهم وأكل حقوقهم لتكوين ثروات شخصية، كما يعين عليهم أعدائهم فيوليهم أمر رعيته يتحكمون في مصيرهم كما يشاءون لمصالحهم وأهوائهم، كما تراه يسعى لتضليل أولي الأمر وإعطائهم معلومات غير حقيقة عن أحوال الرعية، فتجد الأوضاع تزداد سوء وتظل بلاد المسلمين منكسرة ضعيفة.