سمك السلمون يشتهر بكونه أحد أهم المصادر الغذائية بالنسبة للإنسان، وينصح خبراء التغذية بتناوله بصفة دوري لاغتنام الفوائد العظيمة له، فتناول السلمون يقي من الإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب، وذلك بفضل ما تحتوي عليه لحومه من عناصر غذائية مقيدة ونادرة، مثل أحماض أوميجا-3 الدهنية وفيتامين د الذي لا يتوفر إلا بأنواع قليلة من الأطعمة، ونجد السؤال دائم التكرار فيما يخص سمك السلمون : هل هو من أنواع الأسماك البحرية أم النهرية؟، وهذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه إذ أن سمك السلمون لديه القدرة على العيش بكلاهما، وهو ليس له خيار في الأمر إنما يُفرض عليه الانتقال من هذا إلى ذاك والعكس، كي يقوم بعملية وضع البويضات والتكاثر..
سمك السلمون .. ما هو ؟
كلمة ” سمك السلمون ” لا يشار بها إلى نوع من محدد من أنواع الأسماك، إنما هي مسمى يشمل العديد من أصناف الأسماك التي تتشارك خصائص معينة مميزة لها، والتي تنتمي جميعها إلى عائلة أسماك التروتة أو الأريوان المنتمية إلى شعبة الحبليات طائفة شعاعية الزعانف، وينتشر هذا النوع من الأسماك في المحيط الهادئ وأيضاً المحيط الأطلسي، وكذا تتواجد ببعض البحيرات الكبيرة ويمكنها التنقل بين المناطق المالحة والعذبة.
لون سمك السلمون :
على عكس العديد من أنواع الأسماك الأخرى وعلى خلاف القاعدة كثيرة الشيوع في عالم البحار، فأن سمك السلمون لا يمكن تمييزه عن طريق اللون فقط، إذ أن أسماك السلمون ليست من نوع السمك ذو اللون المُوحد الثابت، إنما كثرة أنواع هذا الفصيل من الأسماك أدت إلى تنوع ألوانه وتعددها، فهناك سمك السلمون المميز بلونه الفضي البَرّاق، وهذا النوع هو الأكثر شيوعاً بالبحار وكذلك بالأسواق كغذاء آدمي، لكن الحقيقة أن هناك أنواع أخرى من السلمون يكون لونها مائل إلى الأزرق قليلاً، وهناك سلمون يشتهر باللون الأحمر، وإن كنت تعتقد أن هذه من الخصائص الغريبة بالنسبة للأسماك، فعليك الانتظار فالأغرب من ذلك لم يأتي بعد، فمستكشفي عالم الأعماق وجدوا أن سمكة السلمون يتسم باللون الثابت في الأنهار ومحيط المياه العذبة، أما حين ينتقل إلى المحيطات والمناطق المالحة فأن ألوانه تختلف.
غذاء سمك السلمون :
التنوع في حياة سمك السلمون لا يقتصر فقط على أنواعه العديدة أو ألوانه المختلفة، بل أن طبيعة المادة الغذائية التي يعتمد عليها تتسم بذات التغير والتعدد، ويصنف علماء الأحياء الحشرات والقشريات والكائنات البحرية اللافقارية كغذاء أساسي لـ سمك السلمون ،بمعنى أن السلمون بكافة أشكاله وأنواعه يتغذى على هذه الأنواع، كذلك تعد العوالق المنتشرة بالمسطحات المائية أيضاً غذاء شائع بالنسبة للسلمون، وهذه الأنواع سابقة الذكر تعد غذاءً عاماً يعتمد عليه سمك السلمون في مختلف مراحل نموه، أما حين تبلغ الأسماك مرحلة النمو المكتمل فإنها تضيف إلى قائمة طعامها أنواع أخرى، مثل ثعبان البحر والأسماك الأصغر حجماً، كذلك يمكن لهذا النوع من السمك أن يتغذى على حيوان خيار البحر، أما نوع سمك السلمون الأحمر فأنه يعتمد فقط على العوالق كمصدر غذاء أساسي ووحيد طيلة حياته.
حساسية سمك السلمون :
قد يفهم من حجم وتعدد أنواع سمك السلمون وتنوع مصادر الغذاء الصالح له أنه من الأسماك القوية، لكن الحقيقة التي أثبتها الباحثون تؤكد النقيض، فهذه السمكة تتأثر بشدة بأي تغيرات طفيفة تتطرأ على بيئتها المحيطة، خاصة الأسماك الصغيرة التي لم يتم نموها بشكل تام ولم تصل لطور البلوغ، فالأبحاث تؤكد أن 50% من سمك السلمون بمختلف أنواعه، تموت خلال الأسابيع الأولى من فقس البيض، وغالباً يكون السبب في ذلك هو تغير درجات حرارة المياه التي تحيا بها أسماك السلمون، فالبيئة الملائمة بالنسبة لها هي المياه التي تكون درجة حرارتها متراوحة ما بين 20 : 23 درجة مئوية، ولهذا لا ينتشر سمك السلمون في المناطق المعروفة ببرودة طقسها، إذ أن تغير درجات الحرارة هذه ارتفاعاً أو انخفاضاً يعرض حياة الأسماك للخطر، أما السبب في عدم انقراض أنواع السلمون رغم حساسيتها الشديدة للتغيرات الطبيعية، هو أن النسبة الناجية من الموت تعيش لفترات طويلة نسبية، وتضع بيضها مرتين أو أكثر فتنتج باستمرار أجيالاً جديدة تحفظ نوعها، وفي الواقع أن طريقة تكاثر سمك السلمون ووضعه للبيض يتسم بشيء من الغرابة، ويتم ذلك بأسلوب يتفرد به هذا النوع على سائر الكائنات البحرية الأخرى.
تكاثر سمك السلمون والبيئة :
سمك السلمون من الأنواع التي يصعب تحديدها طبعاً لموقعها الجغرافي، أو تبعاً لمواصفات البيئة التي يعيش فيها، فبينما النسبة الكاسحة من أنواع الأسماك تصنف كأسماك تعيش بالمياه العذبة “أنهار وبحيرات”، وأسماك تتأقلم مع بيئة المياه المالحة “بحار ومحيطات”، نجد أن دورة حياة سمك السلمون تنقسم إلى نصفين أولهما يكون بالمياه العذبة والثاني بالمالحة، ولا يمكن تمييز أحد الشقين عن الآخر أو القول بأن إحدى البيئتين أصلح لـ سمك السلمون من الأخرى، إذ أن السلمون خلال دورة حياته يحتاج بشدة إلى تواجده بكلاهما، وهذا الأمر أساسي بالنسبة لعملية تكاثر أسماك السلمون، التي تبدأ حياتها في بيئة وتتمها في بيئة مغايرة.
سمك السلمون والمياه العذبة :
سمك السلمون البالغ يحيا في المياه المالحة بالمحيطات والبحار، لكن مع قدوم فصل الخريف الذي هو موسم التزاوج والتكاثر بالنسبة لهذه الأسماك، ينتقل كل من ذكور السلمون وإناثه إلى مياه الأنهار العذبة، وغالباً ما يكون انتقالهم هذا إلا ذات البقعة التي ولدوا فيها، ومع مع وصولهم إلى النهر وتحديداً إلى قاعه السفلي تبدأ عملية التكاثر، إذ تقوم إناث السلمون بوضع آلاف البويضات داخل إحدى الحفر بقاع النهر، ثم يحين دور الأسماك الذكور في تلقيح هذه البويضات بإفرازاتها، وبعد إتمام عملية تلقيح البويضات يحين وقت الخطوة الأخيرة الموكلة إلى الأنثى، فتقوم بتغطية الحفرة التي تحتوي على البويضات لحمايتها من مختلف الكائنات البحرية الأخرى.
- يستغرق بيض السلمون حوالي 100 يوماً قد تبدأ عملية التفقيس، خلال هذه الفترة تبقى أسماك السلمون الصغيرة حية داخل البيوضات، ويتوفر لها الغذاء من خلال السائل اللزج الذي يحيط بها داخل البيضة، أما عملية تفقيس البيض فهي تتم مع بداية حلول فصل الربيع، وحينها يخرج صغار السلمون من البيض إلى النهر ليكملوا مراحل النمو الأخرى.
سمك السلمون والمياه المالحة :
قدرة سمك السلمون على الحياة داخل المياه المالحة هي قدرة مكتسبة، أي أن أسماك السلمون لا تخرج من بيضاتها قادرة على ذلك، ولهذا فأنها تعيش في البيئة العذبة الآمنة بالنسبة لها لمدة تتراوح ما بين سنة : ثلاث سنوات، حينها تكون السمكة قد نمت وبلغ طولها حوالي 15 : 20 سم، وتكون قد اكتسبت المقومات التي تمكنها من مواجهة مياه المحيطات المالحة، وسبب انتقالها لها هو أن الموارد الغذائية تتوفر في المحيطات والبحار بنسبة أكبر من الأنهار، ولا تعود هذه الأسماك إلى الأنهار مجدداً إلا لوضع البيض وتكرار ذات العملية.
سمك السلمون وخطر السدود :
مما ذكر حول الآلية الغريبة التي يتم بها تكاثر سمك السلمون ،فأن الخبراء بمجال تربية الأسماك وعلماء الأحياء يعدون السدود من أخطر العوامل المهددة لحياته، إذ أن السدود التي تقيمها الدول على أطراف الأنهار لتخزين المياه أو توليد الطاقة، تمثل عائقاً أمام أسماك السلمون وتصعب عليها عملية الهجرة بين النصف المالح والعذب، ومن ثم تعيق قيام سمك السلمون بعملية وضع البيض وتلقيحه وإنتاج المزيد من نوعه.