العنكبوت هو حيوان يشيع انتمائه إلى مملكة الحشرات، ربما كان السبب في شيوع ذلك الاعتقاد هو احتمالية تواجده داخل المنازل، شأنه في ذلك شأن البراغيث والنمل وغيرها من أنواع الحشرات المنزلية، لكن الحقيقة أن السبب في ذلك هي قدرة العنكبوت على التأقلم مع مختلف الأحوال المناخية والبيئات المتباينة، أما عن تصنيفه فهو يعد أقرب للقريدس والعقارب منه للحشرات.
بين العنكبوت والحشرة :
كذب العلماء اعتقاد انتماء العنكبوت إلى عالم الحشرات، وبرهنوا على ذلك بتعديد الفروقات التي تميز كل فريق عن الآخر، وانقسمت هذه الفروقات إلى قسمين أساسيين أولهما يتعلق بالتركيب الجسماني، أما الثاني فهو يتميز بالخصائص التي تميز العنكبوت عن غيره من الكائنات، والتي تتمثل في قدرته التي يشتهر بها على إفراز الخيوط الحريرية ونسجها.
هندسة العنكبوت الجسدية :
الشكل الخارجي والتركيب الجسماني هو أول العوامل التي تفرق بين مختلف الأنواع داخل عالم الحيوانات الواسع، وعند الحديث عن الفروق المثبتة على عدم انتماء العنكبوت إلى عالم الحشرات، فكان لابد من التطرق إلى فروق التركيب الجسدي بينهما، والتي يمكن حصرها في الاختلافات الجوهرية التالية:
- العنكبوت على مختلف أنواعه يمتلك 8 أرجل مفصلية، تتميز بشكلها شبه المقوس في أغلب الأنواع، أربعة منهم يتجهون إلى الأمام أما الأقدام الأربعة الخلفية فتكون بالاتجاه المُعاكس، أما الحشرات على اختلافها فتتميز بامتلاكها 6 أرج فقط.
- علماء التشريح حين أجروا أبحاثهم على الحشرات أصابتهم حالة من الذهول، وذلك بسبب تعقيد تكوين عيون الحشرات مما جعلها تصنف ضمن الكائنات ذات العيون المركبة، أما العنكبوت فهو على العكس وتركيب عيونها يدرجها ضمن تصنيف ذوي العيون بسيطة التركيب.
- من حيث التركيب الجسماني العام فأن أجسام الحشرات تنقسم إلى ثلاث أجزاء رئيسية، هي الرأس يليها الصدر ثم الجزء الثالث والأخير هو البطن، أما بالنسبة للعناكب فأجسامها تنقسم إلى جزئين فقط، هما الرأس والصدر اللصيق به ويعتبر امتداداً له.
- وفي النهاية الفرق الظاهري المميز الذي يمكن لأي شخص ملاحظته، هو أن أغلب الحشرات تمتلك جناحات ومنها فصائل طائرة، أما العنكبوت على اختلاف أنواعه يفتقر للصفة والمظهر.
خيوط العنكبوت :
يتميز العنكبوت بقدرته على إنتاج الخيوط الحريرية وهي القدرة التي يتفرد بها، وكافة العناكب – بلا استثناء – تمتلك هذه القدرة على إفراز الخيوط الحريرية، إلا أن بعض العناكب لا تتمتع بالقدرة على بناء الشبكات والبيوت باستخدام هذه الخيوط، مما يجعل من هذه الخيوط صفة مميزة أصيلة بالنسبة لـ العنكبوت ،وهي الصفة التي تفتقر إليها النسبة الكاسحة من الحشرات، مما يؤكد أن العناكب لا تنتمي بأي حال إلى عالم الشحرات الهائل.
تركيب خيط العنكبوت وخصائصه :
الخيوط الحريرية التي يتم إنتاجها من قبل العنكبوت في الحقيقة ليست خيط منفرد، فحين تناولها العلماء بالبحث ودرسوا تركيب هذه الخيوط الدقيقة، وجدوا أن الخيط الذي نراه بوضوح بالعين المجردة يختلف كثيراً حين يوضع أسفل المجهر، إذ أنه يتكون من عدة خيطو ملتفة على بعضها مما يمنح خيط العنكبوت قوة وصلابة لتتحمل وزنه، ورغم ذلك تعد خيوط العناكب غاية في الرقة حتى أن سمكها يقل بـ 400 مرة عن سمك شعرة رأس الإنسان، ومن خصائص تلك الخيوط الحريرية أنها قابلة للمط والتمدد بنسبة 20% عن حجمها الأصلي، ولا يتم تمزقها إلا إذا تجاوز معدل تمطيط الخيط هذه النسبة، ورغم هذه الرقة والشفافية تصنف خيوط العنكبوت كأحد أكثر الألياف الطبيعية قوة وأشدها صلابة..
إفراز العنكبوت للخيوط :
الخيوط العنكبوتية يتم إفرازها بواسطة إناث العناكب، ويكون ذلك من خلال مغازل خاصة تتواجد أسفل بطن أنثى العنكبوت ، تتصل بمجموعة من الغدد الدقيقة التي تفرز المادة المُشكلة لهذه الخيوط، ورغم أن هذه المغازل تقدر بعدد ثلاث مغازل فقط إلا أنها قادرة على إنتاج هذا الكم الهائل من الخيوط، ويستخدم العنكبوت هذه الخيوط في بناء بيوته الشبكية، وبعض الأنواع تنسج منها أفخاخاً للحشرات التي تتغذى عليها.